هيرودس القَرن الواحد والعِشرين،

بقلم الأب ميشال عبود الكرملي،

هيرودس عصرِنا، يَقتلَ الربّ يسوع…. أتشاركه في ذلك؟ وإلى متى؟ إنّ هيرودس عصرنا يجُول من ساحةٍ إلى ساحةٍ، ومن بيتٍ إلى بيتٍ، ومن مدرسةٍ إلى مدرسةٍ، ليقتل اسم الربّ يسوع، ويمحو أثره من أمام وجوهنا، فلا تعود أعيادنا تحمل اسمَه ولا صورته، ولا تلفظه شفاهُنا وشفاه أطفالنا، حتى بات اسمه باللغة الأجنبيّة مقتصرًا على”X”…. إنها جريمة العصر…

فلنمرّ في الشوارع، ما الذي يدلّ على أنّ الميلاد هو ميلاد المخلّص، هو ميلاد الربّ يسوع، ابن الله المتأنّس، الآتي إلى ظلمة عالمنا ليحوّلها نوراً؟ مَن يعرف ما ترمز إليه الشجرة والغزلان، وهي لا وجود لها في الإنجيل؟

إنّ الميلاد هو ميلاد الربّ يسوع، وكلّ زينةٍ خارجية ما هي إلاَّ لِتدلّ على عظمة الحدث الكبير الذي به ابتدأ تاريخنا، وأصبحَت البشرية تَحسب تاريخها ما قبل الميلاد وما بعده.

فلنوجّه أنظارنا إلى المذود، فنَجد الله، طفلاً فاتحاً يدَيه يدعونا إليه. فنأتي وتصلّي قلوبُنا بِقرب مريم ويوسف، حافظين سرّه في عمق قلوبنا، كما كانت تفعل مريم. فالشجرة هي شجرة الحياة، وثمارها الجميلة هي أعمالنا الصالحة، ثمار الرّوح القدس، فنُصبح النّجمة التي تدلّ مجوسَ عصرنا، إلى الإله الذي يسكن أعماق القلوب، الحاضر في سِرّ القربان، منبع الوجود وجماله، وسِرّ السعادة لِمَن يلتقيه. لا، لن نشارك بعد اليوم، هيرودس عصرنا، لا، لن نشارك العلمنة الملحدة التي دخلَتْ إلى أعيادنا لِتُحوّلها إليها، وها نحن ننجَرّ إليها… فنَستحي بصورة الطفل، بل نردّد اسمه بتحيّة ميلاديّة صادقة: وُلِد المسيح، هللويا….

ولأطفالنا نردّد ونقول: “يسوع باعتلك مع بابا نويل…”، فلا نلغي شخصيّة اعتادوا عليها، ولكن لن نستمرّ في إلغاء الربّ يسوع الذي هو وحده صاحب العيد. هو القائل “مَن اعترف بي وبكلامي أمام الناس، أعترف به أمام أبي الذي في السّموات” (مت 32:10).

أتريد أن ترى الربّ يسوع؟ أن تلمسَه؟ وتحياه؟ وتتأمّله؟ وتحبّه؟… ماذا تنتظر؟ وأين تبحث؟ إنّه هنا. أتى الربّ إلينا ليبقى معنا، لا لكي نعيش ذكراه مرّة في كلّ سنة. وُلد مرّة في مِلء الزمن، وهو الحاضر دائماً أبداً في كلّ زمانٍ ومكان.

الميلاد ليس ذكرى عابرة، إنّه حدثٌ مستمرّ، وإن بهرَتك زينة الشوارع والساحات، فلا تدعها تُعمي إيمانكَ عن رؤية يسوع في قلبك، وفي القربان، وفي كلّ إنسان. اِحمل البُشرى إلى كلِّ مَن يبحث عن معنى الميلاد، وقد أضاعه في عجقة الأعياد. كن الملاك القائل: مَن يولد اليوم لكَ في كنيسة رعيّتك، هو المسيح الربّ. هلمّ إلى الكنيسة وإليك هذه العلامة: ستَجد خبزات صغيرة في بيت القربان، إنّه طفل المغارة، إنّه الربّ يسوع.   

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp