لقاء الأطفال السنويّ 2019
بمشاركة أطفال “أذكرني في ملكوتك” – أصدقاء غاييل (المروج).
دير سيّدة العطايا – زحلة. البقاع.
عظة بعنوان: “محبة الله”
للخوري جوزف سلوم، خادم رعيّة مار فوقا – غادير،
الله معكم، سنتعرَّف اليوم معًا على إنجيل اليوم، كي نتمكَّن مِن عَيشِه في حياتنا.
إنّ الربَّ يسوع قد عاش مع أمِّه مريم ومربِّيه يوسف، في النّاصرة؛ وقد أمضى فيها طفولته حتّى الثلاثين من عمره.
يُخبرنا إنجيل اليوم عن الربِّ يسوع، في الثَّانية عشرة من عمره، أي من عُمر بعضنا، الموجودين اليوم، هنا. ويُخبرنا أيضًا، أنَّه كانت العادات اليهوديّة تفرض على كلّ يهوديّ في عيد الفِصح، الصُّعود إلى أورشليم. وكانت تبعد النّاصرة، حيث عاش الربّ يسوع، عن أورشليم مسافة ثلاثة أيّام سيرًا على الأقدام.
في هذا العيد، تنضمّ العائلات مِن جميع القرى إلى قوافل الصّاعدين إلى أورشليم، فهذه المسيرات لم تكن تشارك فيها عائلات محدَّدة، بل القُرى بأسرِها. وقد نَمت بين سكّان القرى علاقة محبّة جعلتهم يعيشون كعائلة واحدة.
كانت القافلات البشريّة الصّاعدة نحو أورشليم، تسير في النّهار، وتستريح في اللّيل، إذ كانت تُنصَب الخِيَم للمبيت فيها والاستراحة من المشي طوال النَّهار، قبل معاودة السَّير في اليوم التّالي، بعد توضيب الخِيَم. بعد ثلاثة أيامٍ من المسير، وصلت القافلة الّتي انضمّ إليها الربُّ يسوع مع عائلته إلى أورشليم، فقدَّم اليهود المؤمِنون الصَّلوات والتسابيح لله وذَكروا أحبّائهم الموتى، كما قدَّموا الذبائح الحيوانيّة في هذا العيد. وكانت القوافل تبيت في أورشليم مُدَّة سبعة أيّام، أي أُسبوعًا كاملاً قبل العودة إلى المدن والقرى الّتي منها انطلقت.
وكانت طريق العودة إلى النّاصرة تستغرق ثلاثة أيّام: وكان الرِّجال يسيرون في مسيرات منفصلة عن النِّساء: لذا عندما استفقدت مريم العذاء ابنها، اعتقدت أنّه موجود في قافلة الرِّجال مع يوسف المربيّ، وكذلك يوسف اعتقد أنَّ الربَّ يسوع هو مع مريم في القافلة الأخرى. ولكنْ عندما وَصلا إلى النَّاصرة، اكتشفا أنّهما أضاعا الصَّبي، فبدآ البحث عنه، عند الأقارب، ولـمّا لم يجداه، عادا إلى أورشليم، فوجداه في الهيكل بين العلماء، والكهنة اليهود، يقرأ لهم الكتب المقدَّسة ويشرحها لهم.
إخوتي، علينا السَّهر كي لا نُضيِّع الربَّ يسوع في حياتنا، ومتى أضعناه علينا الإسراع في البحث عنه وإيجاده، كما فَعلت مريم ويوسف.
في الهيكل، كان الجمع الحاضر مبهورًا بكلام الربِّ يسوع. وأنتم اليوم، أصدقائي الصِّغار، تملكون أسئلة وأجوبةً لبعض المسائل الإيمانيّة، لا يملكها الكِبار لأنّكم تُحبُّون الله كثيرًا. عندما وَجدت مريم العذراء الربَّ يسوع، عاتبته، فأخبرته أنَّها والقدِّيس يوسف شعرا بالقلق والحزن بسبب إضاعتهما له. عاتبت مريم العذراء ابنها انطلاقًا من الوصيّة الرابعة القائلة: “أكرِم أباك وأمَّكَ”، فذكَّرها بالوصيّة الأولى ألا وهي :”أحبب الربَّ إلهك. لا يكن لك إلهٌ غيري”.
إخوتي، مَتى أضعنا الربَّ يسوع علينا عدم القبول بالعيش من دونه، لذا علينا البحث عنه وإيجاده وإعادته إلى حياتنا. في بعض الأحيان، يأتي إكرام الله في المرتبة الأولى قبل إكرامنا الوالِدَين، فمحبّة الله هي أقوى من محبّتنا لوالِدِينا. ولكن هذا الكلام لا يعني أنّه لا يجب علينا إطاعة والِدينا واحترامهم، بل على العكس علينا محبّتهم من دون أن نتغافل عن محبّة الله الّتي تأتي في المرتبة الأولى.
بعد سماعه عتاب مريم، عاد الربُّ يسوع مع أمِّه مريم ومربيّه إلى النّاصرة، على الرُّغم مِن قوله لمريم أمِّه، إنّه كان ينبغي له أن يكون في ما هو لأبيه، أي في الهيكل. عاد الربُّ يسوع معهما إلى النّاصرة طائعًا لكلمتهما. إنَّ تَصرُّف الربِّ يسوع هو دعوةٌ لنا إخوتي الصِّغار، كي نُطيع كلمة والِدينا أوّلاً، ومربِّينا الّذين هم أكبرُ منّا، فنسير على طريق الربِّ وبِهَدي كلمته.
في الختام، أتمنّى لكم قضاء وقتٍ جميلٍ مع جماعة “أذكرني في ملكوتك”. وأودّ أن ألخِّص لكم أمورًا ثلاثة نستخلِصها من إنجيل اليوم:
أوّلًا: ضرورة الذهاب إلى الكنيسة والمشاركة في الذبيحة الإلهيّة، وذِكر أمواتنا، ففي هذا النَّص نسمع أنّ الربَّ يسوع ذهب إلى أورشليم، أي إلى الهيكل، كما جَرت العادة، أي أنَّه كان يذهب في كلِّ عيدٍ إلى أورشليم، كما يفعل سائر اليهود.
ثانيًا: حين نُضيِّع الربَّ يسوع، علينا أن نسعى للبحث عنه في الكنيسة أو في الكتاب المقدَّس، من خلال قراءة كلمة الله أو في التأمُّل في جمال الطبيعة، أو طَرح الأسئلة على مَن هُم أكثر خِبرة في الحياة.
ثالثًا: علينا إطاعة ومحبّة مَن هُم أكبر منّا وبخاصّة الّذين نعيش معهم في بيتٍ واحدٍ، أي أهالينا.
باسم جماعة “أذكرني في ملكوتك”، أودّ أن أشكركم على مشاركتكم في هذا اللِّقاء. إنّ جماعة “أذكرني في ملكوتك”، هي جماعة تتألَّف من أشخاصٍ يُحبُّون يسوع ويطيعون كلمته، ويبحثون عنه في وُجوه الآخرين وبخاصّة الحزانى منهم، ويُصلُّون معًا من أجل الّذين غابوا عنّا في هذه الدُّنيا كي يكونوا في قلب يسوع في السَّماء.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةِ من قِبَلِنا.