القدّاس الاحتفاليّ في عيد القيامة المجيدة،
كنيسة القدّيس نيقولاوس الأرثوذكسيّة – بلونة، كسروان.
عظة القدّاس الإلهيّ للأباتي سمعان أبو عبدو:
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
إنّه مدعاةٌ للفرحِ وامتدادٌ للبهجةِ الفصحيّةِ، اجتماعُنا اليوم للصلاة عن أنفسِ موتانا في زمن القيامةِ حيث يتّخذُ الموتُ معنىً آخرَ ومفهوماً مختلِفاً…
ولَكَم يسرُّنا أن نكونَ هنا حول مذبحِ كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس الأرثوذكسيّةِ، بدعوةٍ كريمةٍ من كاهن الرعيّةِ الأب الفاضل ابراهيم سعد، الذي يشملُ الجميعَ بمحبّتِهِ وغيرَتِهِ الرسوليّةِ، وقد أرادَ أن يحتفِلَ بالذبيحةِ الإلهيّةِ مع جمهورِ الكهنةِ وجماعة “أذكرني في ملكوتك” بحضور الكهنة الأفاضل من بقيّة الكنائس.
حضورُكم هذا، تعبيرٌ عن التزامكم المميَّز النابعِ من القلب، أنتم الاثنا عشرَ مركزاً من رعايا لبنان، والأربعة الآخرون في بلادِ الانتشارِ المشاركون معنا روحيّاً؛ وكلّنا أملٌ في ازديادِ العددِ وتوسُّعِ العائلةِ المُصليّةِ.
أخواتي، إخوتي!
نحنُ في زمنِ القيامةِ، حيثُ تتجلّى لنا قيامةُ المسيحِ برهاناً قاطِعاً على أنَّهُ إلهٌ وإنسانٌ في آنٍ معاً، وحيثُ يتأكَّدُ لنا أنّهُ إلهُ القوّةِ والكونِ، وأنّهُ يستحقُّ منّا أن نعبُدَهُ ونمجِّدَهُ ونشكُرَهُ ونَسجدَ لهُ؛ ما دفعَ القدّيس بولسَ الرسولَ للقولِ: “رفعهُ اللهُ إلى العُلى ووهبَ لهُ الإسمَ الذي يفوقُ جميعَ الأسماءِ كيما تجثو لإسمِ يسوع كلُّ ركبةٍ في السمواتِ والأرضِ وتحت الأرض” (فل2/9-10).
إنَّ الربَّ القائمَ من بينِ الأمواتِ يُنادينا بأسمائِنا مثلما نادى مريمَ المجدليّةَ بعدَ قيامتِهِ، وهو يطلبُ منّا أيضاً أن نذهبَ إلى إخوتِنا فنشهدُ بأنَّ القيامةَ هي ممارسةٌ عمليةٌ يوميّةٌ، حيثُ نخلعُ إنسانَنا العتيق ونُجدِّدُ ذواتِنا بالصلاةِ والتوبةِ والخدمةِ فنُجَمِّلُ صورةَ المسيحِ فينا، من دونِ أن ننسى أنَّ انتصارهُ على الموتِ يجدُ ملءَ معناهُ في انتصارِنا نحنُ، لأنَّ دعوتَنا ورجاءنا هما أن نكونَ مع الربِّ دائماً ونحيا معهُ إلى الأبد.
لقد وردَ في إنجيلِ اليومِ أنّهُ “من سمِعَ كلامي وآمنَ بمن أرسلني فلهُ الحياةُ الأبديّةُ، ولا يمثُلُ لدى القضاءِ بل ينتقِلُ من الموتِ إلى الحياة” (يو5/24).
في عمقِ هذا الكلامِ، يكمُنُ معنى لقائِنا اليومَ حول مذبحِ الربِّ للصلاةِ من أجلِ موتانا الذين سمعوا كلمةَ الربِّ وعمِلوا بها، وها هم بإيمانهم الكبير يعبرونَ من الموتِ إلى الحياةِ.
إنّها دعوةٌ أيضاً لكلِّ واحدٍ منّا كي يسمعَ كلمةَ يسوع ويؤمنَ بهِ وبالذي أرسلهُ.
لقد كانت قيامةُ السيّدِ المسيحِ فرحاً للتلامذةِ كما هي في كلِّ لحظةٍ فرحٌ لنا نحنُ أيضاً.
القيامةُ فعلُ فرحٍ لأنّها نقطةُ تحوّلٍ في حياتِنا وفي تاريخِ المسيحيّةِ. هي الفرحُ بذاتِهِ لأنّها ولَّدَت رجاءً غيرَ محدودٍ في العلاقةِ الدائمةِ بيسوعَ المسيح له المجدُ.
قيامةُ السيِّدِ المسيحِ جعلت المسيحيَّ قادِراً على تقبُّلِ الألمِ والحزنِ إذ أصبحَ لهما مفهومٌ آخر، فالألمُ صارَ طريقَ المجد.
وعليهِ، نصلّي معكم أيُّها الإخوةُ والأخواتُ من أجلِ موتانا الذين توفّوا على رجاءِ القيامةِ.
ولنتأكّدْ من أنَّ يسوعَ حاضرٌ فينا فَلَن نموتَ، وهو القائلُ “أنا القيامةُ والحياةُ” (يو11/25).
والحياةُ الحقيقيّةُ قائمةٌ فينا فلن نموتَ أبداً. آمين.