“الولادة الجديدة في المعموديّة والصّلاة”
بقلم الأباتي سمعان أبو عبدو ر.م.م.
مع المعموديّة بدأت حياة يسوع العلنيّة، فهو ابْن الله والمسيح، ذَهبَ إلى ضفاف نهر الأردن واعتمَد على يد يوحنّا المعمدان. شاركَنا يسوع مصيرنا نحن الخطأة، ونزَل إلينا؛ انحدَر إلى النّهر كما انحدَر في تاريخ البشريّة الجريح، وغاصَ في مياهِنا ليَشفيها، وعاش معنا وبيننا.
هو عيد الدّنح، كلمة مشتقّة من السريانيّة تعني إعلان سرّ المسيح ابن الله، وظهور الثالوث الأقدس.
يوحنّا يشهد بأنّ يسوع هو حَمل الله الذي يَحمل خطيئة العالم. “أنا أعمّدكم بالماء، ويأتي مَن هو أقوى منّي، من لست أهلاً أن أحلّ رباط حذائه. هو يعمّدكم بالرّوح القدس والنار” (مت 11:3).
نزل يسوع إلى مياه الأردنّ فقدّسها، واستبق عمل روحه القدوس الذي سيحلّ على مياه المعموديّة لكلّ مؤمِن ويجعلها الحشا الجديد الذي يولد منه أبناء الله وبناته، بالولادة الثانية: “أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غل 27:3). نرتقي في الفضيلة، ونرتفع دائماً إلى مستوى كرامة وحرّية أبناء الله.
“في اللحظة التي نال فيها يسوع المعموديّة، “كانَ يُصَلِّي” (لو3: 21). ابن الله، يصلّي مثلنا. كان يقضي يسوع وقتًا طويلاً في الصّلاة، في بداية كلّ يوم، وغالبًا في الليل، وقبل أن يأخذ قرارات مهمّة، صلاته هي حوار، وعلاقة مع الآب. نزل إلينا، في مياه نهر الأردن، ورفع نظره وقلبه وهو يصلّي إلى الآب.
توحّدنا الصّلاة بالله، وتفتح أنفسنا على اللقاء معه. الصّلاة حوار مع الله، إنّها إصغاء إلى كلمته، إنّها سجود. نبقى صامتِين ونَكِلُ إليه حياتنا التي نعيشها. وأحيانًا هي أيضًا صرخة نحوه مثل أيّوب، وإفراج عن النّفس أمامه، فهو أب، ويفهمنا جيدًا.
الصّلاة تعطي الأكسجين للحياة، وتجعلنا نرى الأمور بشكلٍ أوسع. تجدّدنا من الداخل، ونشعر بأنّنا أبناءٌ محبوبون وأنّ الآب يحبّنا. عندما نصلّي إليه، يقول الآب لنا، مثلما قال ليسوع “أنت هو ابني الحبيب بكَ رضيت”. في الصّلاة نترك الله يعمل فينا، لنَعرف ونَقبل ما يُريد أنْ يقول لنا، حتّى في أصعب الظّروف، فالصّلاة تمنحنا القوّة للمضي قدمًا” (البابا فرنسيس).
تاريخ معموديّتنا هو تاريخ ولادتنا الجديدة، وهي اللحظة التي أصبحنا فيها أبناء الله بالمسيح يسوع. أعطنا يا ربّ، أنْ ننمّي علاقتنا بك، ونِعمة التأمّل الدائم في وجهِك وسرِّك، لكي نعرف، ونَعكس وجهك في أعمالنا ومبادراتنا ومواقفنا.