لقاء الأطفال السنويّ 2017،
بمشاركة أطفال “أذكرني في ملكوتك” – أصدقاء غاييل (رعيّة مار تقلا – المروج).
مركز مار سمعان- وادي الكرم. كسروان.
عظة للخوري جوزف سلوم بعنوان: نريد أن نرى يسوع،
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
إنّ تأمّلنا في إنجيل اليوم سيتمحوّر حول ثلاث أفكار: إنّ اليونانيين جاؤوا إلى فيلبّس طالبين منه رؤية يسوع، وكذلك رغبة قلوبنا جميعًا هي أن نرى يسوع. ونحن نستطيع أن نراه في أماكن عديدة: في القدّاس، في الإنجيل، في الطبيعة، وأيضًا في وجه كلّ إنسان نلتقيه في حياتنا.
لقد قال يسوع لتلاميذه: “لقد أتت السّاعة”. إنّ السّاعة الّـي يتكلّم عنها يسوع، هي ساعة موته على الصّليب من أجلنا. لم يستطِع الموت أن يُنهي حياة يسوع، فالمسيح قد غلب الموت إذ قام من بين الأموات منتصرًا. وقد شرح يسوع لتلاميذه هذا الأمر مِن خلال مَثَل حبّة الحنطة: إنَّ الحنطة الّـتي تقع في التّراب، لا تموت إلى الأبد، فهي تنبت من جديد بعد فترةٍ قصيرة، وتُعطي سنابل كثيرة… إنّ حياة يسوع تُشبه حبّة الحنطة: إذ قد يعتقد البعض أنّها ماتت إلى الأبد، حين يراها مطمورة في التّراب، غير أنّها تعود إلى الحياة بعد مدّة قصيرة لتُعطي ثمرًا كثيرًا؛ كذلك الربّ يسوع، فهو قد مات على الصّليب، إلّا أنّه قام بعد ذلك من بين الأموات، مانحًا الحياة الأبديّة للمؤمنين به. يدعونا يسوع من خلال هذا الإنجيل إلى أن نعيش هذه الحقيقة السّارة الّتي أعلنها لنا، وهي الحياة الأبديّة.
إذن الشمس تُشرق في كلّ يوم، وتبقى طول النّهار في السّماء، وعند المساء تغيب عن أنظارنا، خلف البحار، فلا نعود نراها، ولكنّنا نعلم أنّها ما زالت موجودة حتّى وإن لم نرَها، فهي تُشرق في بلدان أخرى من العالم. إنّ هذا الأمر ينطبق على أحبّائنا الّذين غابوا عن أنظارنا. إنّ غيابهم عنّا لا يعني أبدًا أنّهم ما عادوا حاضرين معنا، بل يعني أنّهم ما زالوا حاضرين مع الربّ والقدِّيسة مريم والقدِّيسين في السّماوات ولكنّنا لن نتمكّن بعد الآن من رؤيتهم. إنّ الّذي يُحبّ يسوع، لا يموت، بل يتابع معه مشوار الحياة حتّى بعد الموت.
نقدِّم ذبيحتنا اليوم على نيّة كلّ أمواتنا، وبخاصّة على نيّة الّذين دَوَّنتم أسماءَهم عند باب الكنيسة. والآن، نتابع القدّاس مُعلنين إيماننا بالربّ يسوع. ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ من قِبَلِنا.
تأمّل للخوري جوزف سلوم بعنوان: الصّليب طريقنا إلى السّماء،
صباح الخير للجميع، إنّي سعيدٌ جدًّا بلقائكم في هذه اللّيلة المباركة، ليلة عيد الصّليب.
يتألّف الصّليب من قِسمَين: قسم عاموديّ وآخر أفقي. إنَّ القسم العاموديّ، الممتّد من الأرض إلى السّماء، يرمز إلى علاقة الإنسان باللّه، فالإنسان مدّعوٌ إلى السّماء. أمّا القسم الأفقيّ، فهو يشير إلى أنّ جميع البشر متساوون، وهو يرمز إلى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان. إنّ يسوع المسيح موجودٌ في وسط الصليب، أي أنّه لا يمكن لعلاقتنا باللّه أن تُبنى إلّا مِن خلال يسوع المسيح، وكذلك علاقاتنا بإخوتنا البشر فهي لا يمكن إلاّ أن تكون عبر يسوع المسيح. إنّ يسوع المسيح قد مات على الصليب، لأنّه يُحبّنا، وبالتّالي علّمنا كيفيّة المحبّة.
على الصّليب، قال يسوع سبع عِبارات، سنتعرّف إليها في هذا اللّقاء. إنّ هذه الكلمات السّبع تُقسَم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأوّل مؤلّف من ثلاث كلمات، وفيها توجَّه الربّ يسوع إلى الله الآب، أمّا القسم الثاني، فهو أيضًا مؤلّف من ثلاث كلمات، ولكنّ الربّ يسوع، توجَّه فيها إلى الأشخاص المحيطين به يوم صلبه. أمّا القسم الأخير، فهو مؤلّف من كلمة واحدة، توجّه فيها الربّ يسوع إلى الله الآب، وإلى البشر أجمعين في آنٍ.
إذًا، إنَّ القسم الأوّل مؤلّف من ثلاث كلمات وجّهها الربّ يسوع على الصليب إلى الله الآب.
الكلمة الأولى هي: “اغفر لهم يا أبتِ لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون”. من خلال هذه الكلمة، غفر يسوع لصالبيه، وبالتّالي علّمنا المغفرة لكلِّ مَن يُسيء إلينا. أمّا الكلمة الثانية فهي: “بين يديك أستودِع روحي”. من خلال هذه الكلمة نتعلّم أن نضع ذواتنا وحياتنا بين يديّ الله كما فعل الربّ يسوع. أمّا الكلمة الثالثة والأخيرة الّتي قالها يسوع وتوجّه فيها إلى الله الآب، فهي:”إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟”. هذه الكلمة موجودة بداية مزمور، أي أنّها عبارة عن صلاة قالها يسوع على الصليب. إنّ الربّ يسوع لم يقصد أنّ الربّ قد تركه، لأنّ الله الآب لا يتركنا خاصّة في وقت الصّعوبات، إنّما ما قصده الربّ يسوع بهذه الكلمة، أن يصلّي في هذا الوقت، وقت الصّعوبة الّـتي يمرّ بها.
أمّا القسم الثاني، فهو مؤلّف أيضًا من ثلاث كلمات توجّه فيها الربّ إلى الأشخاص الّذين كانوا يُحيطون به في وقت الألم هذا، وكانوا بالقرب منه على الصّليب. إنّ الكلمة الأولى كانت ردّ يسوع على طلب لصّ اليمين، فهذا الأخير كان قد قال له:”أذكرني يا سيِّد متى أتَيتَ في ملكوتك”، فأتاه الجواب الفوريّ من يسوع: “اليوم تكون معي في الفردوس”. لقد كان بجانب يسوع لِصَّان: لصّ الشمال ولصّ اليمين. كان لصّ الشمال يُعيِّر يسوع، ويطلب منه أن يُظهر قوّته فينزل عن الصليب، ويُخلّصهما من هذا العقاب، إن كان حقًّا ابن الله. أمّا لصّ اليمين، فكان يردّ على تعييرات لصّ الشمال ليسوع قائلاً له إنّهما أي اللّصين يستحقَّان هذا العذاب، أمّا يسوع فلا يستحقّ الصَّلب لأنّه بريء، وهو لم يقم بأيّ شيء يستوجب الموت. ولذا طلب لصّ اليمين من الربّ أن يذكره حين يأتي في ملكوته، على الرّغم من خطاياه الكثيرة. إنّ الربّ لم يرفض توبة هذا اللّص، لذا منحه الملكوت.
أمّا الكلمة الثانية، فقد وجّهها يسوع إلى شَخصيَن اثنين كانا يقفان عند أقدام الصّليب، هما مريم العذراء أمّه وتلميذه يوحنّا الرّسول. لقد نظر يسوع إلى يوحنّا وأشار إلى مريم قائلاً له: “هذه هي أمّكَ”، ثمّ نظر إلى مريم أمّه وقال لها مشيرًا إلى يوحنّا: “هذا هو ابنُكِ”. ومنذ تلك اللّحظة لم تعد مريم العذراء، أمّ يسوع فقط، إنّما أصبحت أمّ البشريّة جمعاء، ولذا فَهي أمّ الكنيسة، أي أمّ جميع المؤمنين بابنها يسوع. أمّا الكلمة الأخيرة الّـتي توجّه بها يسوع إلى البشر فكانت: “أنا عطشان”. لقد شعر يسوع بالعطش فصرخ تلك الصرّخة، عسى يُعطيه صالبوه القليل من الماء، ولكنّهم عِوَض الماء ناولوه خلّاً. إنّ يسوع لم يكن عطشان إلى الماء الأرضيّ، إنّما هو عطشان إلى خلاصنا، إلى أن يُعبِّر لنا عن مدى عظمة حبّه.
أمّا القسم الأخير فهو مؤلّف من كلمة واحدة وجّهها إلى الله الآب وإلى الشّعب أيضًا، مُعلنًا انتهاء مهمّته الأرضيّة، فصرخ قائلاً: “لقد تمّ كلّ شيء”. لقد أعلن الربّ يسوع لله الآب أنّه أنهى مهمّته الّتي أُرسِل لأجلها وهي خلاص البشريّة، كما أنّه أعلن للبشر نهاية مهمَّته الخلاصيّة مُعلنًا عن حبّه الكبير بالموت على الصليب من أجل خلاص البشريّة جمعاء.
في الختام، أقول إنّ يسوع أراد أن يُعلِّمنا من على الصليب أمرًا واحدًا وهو المحبّة إذ كان موته تعبيرًا عن حبّه اللامتناهي لنا. فَحين ننظر إلى الصليب، على نظراتنا ألّا تكون نظرة شفقة كونه عانى الآلام المبرِّحة، إنّما علينا أن نتعلّم من موته على الصليب المحبّة اللامحدودة، ونتَّخذه مثالاً لنا في الحبّ.
إنّ جماعة “أذكرني في ملكوتك”، الّتي حضّرت لهذا اللّقاء، تعبِّر عن فرحتها الكبيرة لمشاركتها في هذا اليوم وترسِل إليكم معايدتها الحارّة في هذا العيد المبارك، وتتمنّى لكم جميعًا أن تُحقّقوا ذواتكم من خلال هذا المكان فتنموا بالحكمة والقول والفعل، وتتعلّموا من هذا المكان محبّة يسوع. إنّ هذا الفريق الحاضر اليوم معكم، ينتمي إلى جماعة “أذكرني في ملكوتك”، ولكنّ هذا الفريق بالتحديد يُدعى “أصدقاء غاييل”، وهو يهتمّ بالأطفال. إنّ غاييل هي طفلة توفِّيت في الثانية عشرة من عمرها في حادث سير. لذا قرّر أحبّاؤها، ورفاقها أن يُصلّوا لها كي تكون في الملكوت مع يسوع تُشاهِد وجهه القدّوس، لأنّ الموت لا يُفرِّق بين شخص بالغ وطفل. ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.