انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،

دير سيّدة الكرمل – الحازمية، بعبدا.

المقدّمة:

في حضرة الرّب يسوع المُنتصرّ على الموت، اجتَمعنا على أرض الكَرمل في الحازمية، وفي قلوبنا لهفةُ نشر الرّسالة، ونصب أعينِنا الصّلاة من أجل راحة نفوس الرّاقدين على رجاء القيامة. على أرض الكرمل التقينا، وبين أحضان قدّيسيها أودَعنا جماعتنا: “اذكرني في ملكوتك”، مولوداً جديداً، ليَتبارك بِهيبتهم، ويَتقدّس بِطهارتهم، ويتنقّى بِصفائهم.

احتفل بالقدّاس الإلهيّ الأب ميشال عبود الكرمليّ، رئيس الدّير، وعاونه كلّ من الخوري المرشد جوزف سلوم، خادم رعيّة مار فوقا – غادير، والأب المرشد دومينيك العلم المريميّ.

في الختام، ألقَت السيّدة جانيت الهبر، كلمةً بِاسم الجماعة، اختصرَت فيها الدّعوة والنّشأة والماهيّة، بعنوان: رسالتنا…

 1. كلمة للخوري جوزف سلوم، خادم رعيّة مار فوقا – غادير:

جماعتنا هديّةٌ من السّماء، ومهمّتها تقديم هذه الهديّة-الرّسالة إلى جميع المؤمنين.
نشأت جماعتنا بوحي من الرّب، وكحبّة قمح غُرست في رعيّة مار فوقا ونمَت، وأثمرت، وها نحن نقطف اليوم من ثمارها أطيبها وأحلاها…
انطلقت تشهد وتؤمن وتترجّى قيامة الرّب، وتقرأ الموت قراءة جديدة، تنقلها لكلّ من وقف وسيقف أمام صليب فقدان حبيب أو شريك، أو رفيق، أو صديق.
أما عمق رسالتنا وروحانيتها، فيتجلّى في قداديس نقدّمها راحة لنفوس المنتقلين عنّا، ونشترك وإياهم في الذبيحة الإلّهيّة، لأن ذروة اتّحادنا بالرّاحلين، يكمن في سرّ الإفخارستيا.
كما أنّنا بنعمة الرّب وهدايته، نقوم بأعمال رحمة، لمساعدة الفقراء واليتامى والمحتاجين، (انجيل لعازر والغني) .
كما تجمعنا لقاءات مختلفة: من رياضات روحية إلى محاضرات ثقافية إلى سهرات إنجيليّة إلى اجتماعات دينيّة إلى نشاطات ترفيهيّة. وللشباب حصّته في جماعتنا، كونهم فئة حسّاسة في المجتمع، ونسعى بعون الله أن ننمي فيهم ثقافة عميقة وجديدة، حول موضوع غير مطروق، وغير مفهوم بالنّسبة إليهم، ألا وهو: “الموت”.
وتعمل جماعتنا، كذلك، جاهدة لتقديم رعويّة صحيحة ومسيحيّة للموت، إذ إنّنا نسعى إلى تغيير ما في الرّعويّة الحاليّة من معالم وثنيةّ لا تليق بنا كمسيحيين، ولا تمثّلنا كمؤمنين بالمسيح رجائنا في الحياة والموت؛ ونحاول كجماعة أن نحوّل حمل صّليب- الغياب إلى حقيقة تعكس مسيحيّتنا، وتظهر امتلاءنا بالرّجاء بالمسيح القائم، والمعزّي.
وختم الأب سلّوم كلمته بتذكيرنا بموقع القول: “اذكرني في ملكوتك”-اسم جماعتنا – الّذي كان إلى جنب المسيح في ساعة الموت الرّهيبة على الصّليب. المسيح قام!

 2. عِظة القدّاس الإلهيّ للأب ميشال عبود الكرمليّ، رئيس دير سيّدة الكرمل:

ألقى الأب ميشال عبود عظة محورها “مفهوم الصّليب”، وجوهرها “دعوتنا إلى حمله، والعيش معه”؛ وقد شرح لنا ذلك في رمزيّة حياة “سمعان القيرواني”-حامل صليب المسيح في درب الآلام الطويل- وهو ربّ عائلة، يعمل و”يتعب” لأجلها. وصادف أنّه كان عائداً من يوم عمله المتعب، المنهك، ل”يرتاح” في بيته؛ لكنّه سُخّر لحمل صليب المسيح المضني، المشقي، وكتب اسمه في الإنجيل، وفي التّاريخ…

وطبّق الأب عبّود رمزيّة نظريّته حول موقف سمعان القيرواني في حمل صليب المسيح، على حياة كلٍ منّا اليوم وفي كلّ زمان. فنحن-كما يقول- نعيش حياتنا، ونهندسها، ونحضّرها “لتريحنا”، فنهنأ فيها؛ لكنّ الصّليب- الألم، المصيبة، العاهة، المرض، الإعاقة، الموت، يسلَم إلينا، ونسخَر في حمله طوال حياتنا، فتتغيّر، ونتغيّر…

لكنّ دربنا الأرضيّة لا تلبث أن تنتهي، ونكافأ “في السّماء” بمعاينة وجه المسيح، والتّملّي من إشراقه وبهائه، حيث لا موت، ولا حزن، ولا بكاء، بل فرح، ورجاء، وعزاء…وهكذا، تبقى أرجلنا متجذّرة في الأرض، وروحنا مشدودة إلى السّماء، رجاء بيسوع المسيح: “أبقوا أعينكم مشدودة دائما إلى السّماء، حيث المسيح، ومن سبقونا”، على حدّ قول القديس بولس.

سأل كلّ من الفرّيسي والغنيّ يسوع: “ماذا أفعل لأرث الحياة الأبديّة؟”، فأجابهما يسوع: “من آمن بي وإن مات، فسيحيا”، إجابة تلغي الحدود بين الأرض والسّماء، وبين الموت والحياة، وتشفينا من خوفنا من”الإنتهاء”.

ونحن إذ نجتمع اليوم للمرّة الأولى بجماعة: “اذكرني في ملكوتك”- على أمل تكرّر اللّقاء في الأربعاء الثّالث من كل ّشهر- إنّما نجتمع لأنّ رجاءنا بيسوع المسيح أكبر من الحزن، ولأنّ المحبّة أقوى من الموت، ولأنّنا “أولاد القيامة”. فالمسيح مات مرّة واحدة، وقام مرّة واحدة، ولكنّه حيّ دائماً، وأبداً؛ على أسس موته وقيامته بنينا إيماننا ومسيحيّتنا، وقلنا معاً: “ونترجّى قيامة الموتى والحياة في الدّهر العتيد”، ونقولها، وسنقولها دوماً…
وأنهى الأب الكرملي عظته بشكر الرّب على نعمتَي: الرّجاء والإيمان، وشكر الحضور على تلبية الدّعوة؛ كما شكر الخوري جوزف سلّوم والأب دومينيك اللَّذين شاركا في الذّبيحة الإلّهيّة، ووجّه شكرا خاصّا إلى السيّدة “نبيهة يزبك” التي نقلتنا بصوتها الملائكي إلى أفراح السّماء على أنغام العازف المرافق “دوري فرنسيس” المشكور بدوره. كما شكر جماعة: “اذكرني في ملكوتك”، ودعا مؤسِّستها السّيدة “جانيت مخايل الهبر”، إلى إلقاء كلمتها بعنوان: رسالتنا…وهي التي بعد أن فقدت شريك حياتها “باسيليوس الهبر” في 4 نيسان 2005، ألهمها الرّب إنشاء الجماعة، هو الّذي يحقّق ما يشاء عبر من يشاء من النّاس الذين يختارهم ليكونوا يديه العاملتَين بمشيئته على الأرض. المسيح قام، حقًا قام!

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ من قبلنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp