“الصّعود” (أع 4:1-11)
بقلم الأب عبدو أنطون ر.م.م،
لطالما تَبادر إلى أذهانِنا أنَّ حدَث الصّعود هو ارتفاع يسوع، فوق الغيمة، الى السّماء وغيابه عن أنظار البشر. ولكن بحسب نصّ الصّعود نرى كيف أنَّ يسوع باقٍ في كنيستِه، وكلُّ معمَّد يراه بوضوح بعين الإيمان، إذْ نَجِد في النّص ثلاث نقاط:
1. كلَّم يسوع رسُله، وهو مجتمعٌ بهم، عن مَوعد العنصرة حيث سيَنالون الرّوح القدس. فالرّوح القدس، هو الأقنوم الثّالث من الثالوث الأقدس، الذي مِن بَدء التكوين “يرفُّ على وجه الأرض” (تك 2:1)، وقد “حلَّ على مريم في البشارة” (لو 28:1)، وظهر “فوق يسوع وقت عماده في نهر الأردن” (مت 16:3)، وها هو مع الكنيسة يقوّيها ويشجِّعها ويعلِّمها. فهو الذي يتمّمُ كلَّ الأسرار في الكنيسة، وهو “الرّوح المعزِّي” الذي لا يترك المؤمنِين بالمسيح أيتاماً.
2. الله الثّالوث حاضرٌ في الكَون. قال يسوع “إني أعمَل وأبي لا يزال يَعمل” (يو 17:5). فاللّه لا زمنَ له، وإنْ عشْنا مع الله واتّحدْنا به، خصوصاً في سرِّ الافخارستيّا، نكون قد تخطَّينا الزّمن وصرنا نَعيش الأبديّة مِن هنا. ففي نصِّ الصّعود طلَب يسوع من الرّسل ألَّا يهتمّوا أبداً بِتحديد الأزمنة لأنّ الله حاضرٌ وَسط شعبِه وفي كنيستِه.
3. بَعد ارتفاع يسوع وغِيابه عن مرأى الرّسل، وقَف بهم ملائكةٌ يعزّونهم بِكلام رجاءٍ بيسوع، وبأنّه سيَعود إلَيهم. فالملاك هو حضورٌ لله، وهو الذي بشَّر مريم، وكلَّم يوسف، والملائكة زفّوا البشرى للرّعاة… فهُم يُعلِنون حضور الله، ويُرافقون المؤمنِين. ونحن بالتّالي نُنشد لهم وقتَ الذّبيحة الإلهيّة “عساكر السّماء محيطةٌ معنا بمائدة المذبح”.
في الختام، إنَّ الصّعود ليس ابتِعاد المسيح عن كنيستِه بل هو تحقيقٌ لقيامتِه بجسدٍ ممجَّدٍ، لا يخضع للمادة ولا لِعوامل الطّبيعة ولا لحواسّ البَشر. لكن بالإيمان نرى المسيح القائم من الموت بَيننا.