القبر أحشاء الملكوت 

بقلم الخوري جوزف سلوم،

دُحرج ذاك الحَجَر الكبير عن باب القبر، وصار الحَجَر حَجَر الزّاوية الذي شيَّد الرّبّ عليه كنيستَه .

وارتدَت البيعة الأكفان والمنديل والنّور رداءً اشتهاه القدّيسون وهؤلاء اللّابِسون الحُلَل البيضاء وقد غسلوها وبيّضوها بِدم الحمل.

وجُرْح الجَنب أظهر الفَيض من الحبّ الإلهيّ وقنوات النّعم والبركات، وصارَ الرّحمَ لِتولدَ منه عروسُهُ البيعة.

والقبر الفارغ صار فاهًا مفتوحًا يُعلِن أنّ المسيح قام وأنّه حيّ، فلا نضلّ الطّريق ونبحث عنه بين الأموات.

إنّ هديّة النّاهض من بين الأموات لشعب الله هؤلاء تلاميذ المتروك، هي الكنيسة المملوءة من روح المسيح . هي ملكوت الله الحاضر سرّيًّا في المسيح والفاعل بين الّذين يؤمِنون به، وهي تعكس حبّ الله للعالم، ورسالتها أنْ تكون خادمةً للإنجيل في قلب العالم.

يريدُ الرّبُ كنيسةً أبوابُها مفتوحةٌ، تكونُ ميناءَ راحةٍ ورحمةٍ للمتعبِين والسّقماء؛ كنيسةٌ ترافقُ مسيرةَ الضّعفاء والمهمّشِين؛ كنيسةٌ خادمةٌ للجميع لاسيّما للآخرين.

يريد الرّب كنيسةً تكون أمًّا ومعلّمةً وراعيةً، معها وفيها لا تَطالنا جائحة  اليتم، فهو لم يَدعنا يتامى بل أعطانا الكنيسة أمًّا تَسهر علينا اذا حاصَرتنا هموم الحياة وإذا تسرّب إلى داخلنا الإحباط واليأس والعجز، فهي تُحيي فينا الرّجاء وتجدّدنا.

يُريد الرّبّ كنيسةً قريبةً، تدنو وتُقارب بِحنانٍ ورحمةٍ جروحات النّاس؛ تضمّد وتَشفي وتَنفتح على كلّ جديدٍ يريد الله أنْ يلهمنا إيّاه. كنيسةً تغسل أقدام البشريّة الجريحة.

يُريد الرّب كنيسةً فقيرةً تعمل من أجل كرامة الفقراء والبؤساء، تتجلّى فيها مظاهر البساطة والتّواضع والتّجرّد والسّخاء والفقر وتخدم الفقراء وتكافح الفقر وتعمل من أجل العدالة والمظلومِين في عالمٍ يغرق في هَوسِ الرّفاهية واللامبالاة، فلا نكنز لنا كنوزًا على الأرض بل في السّماء.

يريدُ الرّبُ كنيسةً نهجُها روحُ المعيّةِ والشّركةِ والمحبّةِ، بِروحِ الانفتاحِ يُصغونَ لِبَعضهِمِ البعض ويتحاورون؛ معًا يَسيرون ويُصلّون ويُميّزون ويَتقاسمون المسؤوليات ويَصنعون القرارات  ويَشهدون لإنجيل الرّب، يُشكِّلون معًا وحدةً منظورةً بين المكرّسِين والعلمانيّين على قاعدة التّنوّع؛ والوحدة لَديها الجرأة في التغيير تَداركًا لِخطر الجمود، فلا تقدّم حلولاً قديمةً لمشاكل جديدة.

يريدُ الرّبُ كنيسةً شفّافةً صادقةً واضحةً نقيّةً لا عَيبَ فيها، يُريدُها مقدّسةً، ويريدها شابّةً لا هرمةً ولا جامدةً، ولا يريدها متحفًا، ولا أن نكون في داخلها نزلاء وضيوفًا بل رُسلاً ومن أهل بيت الله فيها نَعبد وفيها نَخدم ومنها نَنطلق الى أقاصي الأرض جاعلِين المسيح حاضرًا في كلّ شيءٍ، يَعمل فينا روحُه القدّوس لِنَبني ملكوت الله.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp