“حياتنا بِرفقة والدة الإله، العذراء مريم”

بقلم الأباتي سمعان أبو عبدو،

إنَّ السيّدة العذراء مريم، الفائقة القداسة، تُرافق البشريّة في كلّ مساراتها، مهما كانت قاسية وطويلة، وتنتظر بِرَجاءٍ وتصبُّر. هي التي رافقَت أليصابات طيلة ثلاثة أشهر، تُرافق، بدون أي شكٍّ، أبناءها وبناتها المسافرين في بحر هذا العالم حتّى يبلغوا ميناء الخلاص. وتستند هذه المرافقة إلى كلمتَيْن “لِتَكن مشيئتك”، وذلك بهدف التخلّي التامّ والاتّحاد بالله والعمل بمشيئته. هي التي كان الصّمتُ دومًا جوابَها على كلّ شيء، لا صمتَ انسحابٍ وحزنٍ، بل صمتًا فعّالاً وإيجابيًّا “فكانَت مَريمُ تَحفَظُ جَميع هذهِ الأُمور وتَتَأَمَّلُها في قَلبِها” (لو 2: 19)، لأنّ في القلب مِحوَر الإنسان وعواطفه، وحياته.      

وهي التي طوّبَتها جميع الأجيال “جميع الأجيال تطوّبني، لأنّ القدير صنَع بي العظائم” (لو 1: 48). وقد استمرّت “نَعَم” مريم لمشيئة الله، في طاعة الإيمان، طيلة حياتها حتّى اللحظة الأكثر صعوبة، لحظة الصّليب.                                    

رائعةٌ هي هذه الأمّ السماويّة: من يوم البشارة حتّى أقدام الصّليب، استبَقت بإيمانها أنوار القيامة. فلْتُساعدنا مريم، الشاهدة الصامتة على موت وقيامة ابنها يسوع، على أنْ نؤمِن بقوّةٍ بِسرّ الخلاص هذا، وإذا قبلناه بإيمانٍ، على مثالها، فإنَّه يقدِر أنْ يغيّر حياتنا. ولْنَتمثّل بها  في شهر أيار المريميّ، هي الكليّة الطوبى، عبر الانفتاح كليًا على كلمة الله.                             

إنّنا غالباً، في الحياة وفي اللحظات الصّعبة، ما نَذهب إلى أمّنا لِمُخاطبتها، لأنّ الأمّ تفهم أبناءها بِقلبها ورحابة صدرها، فالعذراء مريم، رمز حنان الله، تُكرّر ما فعلته في قانا، تُكلّم ابنها عنّا، وعن كلّ واحد منّا، حاملةً سلامَ ابنِها إلى العالم أجمع. إنَّها سيّدة المعونة الدائمة، لذلك، وخلال لحظات الشّقاء، والحاجة، واليأس، علينا أن نتذكّر دائمًا أنّها لا تهملنا ولا تجعلنا نُطيل الانتظار، بل هي حاضرةٌ ومستعدّةٌ دائمًا لِتأتي وتساعدنا! تمرّ الأيّام والأنظمة وتبقى مريم ساهرةً على شعبها. فَلتَحفَظْنا هذه الأمّ، وكأبناءٍ ندعوها اليوم “يا والدةَ الإلة القدّيسة، احمينا وخلّصِينا!”.                                       

إنّ والدةَ الإله، الكليّة الطوبى، تسير معنا في زمن وباء الكورونا والحَجْر الصحيّ، لِتُحوّل منازلنا إلى كنائس بيتيّة، يكون المسيح أساسها. إنّها لَمِثالٌ يُحتذى به، ونموذجٌ نتبعه في هذا الزمن، لأنّه وقتٌ مناسبٌ لِنُعيد اكتشاف الروابط الحقيقيّة للعائلة حتّى تُزهر خدمةً ووحدةً، وفرصةٌ لِمراجعة حياتنا، وترتيب أولويّاتنا على ضوء كلمات يسوع القائم من الموت: “سأكون معكم حتى منتهى الدهر”(متى 20:28).                                                                               وكما رافقَت الجماعة الأولى من المسيحيّين، فَلْتُرافِقْنا مريم “ملكة السّماء”، الكلّيّة المحبّة والرّحمة، في حياتنا كلّ يومٍ، ولنَسألها بثقةٍ قائلِين: “يا أُمّ الرّحمة، صلّي لأجلنا”.                                    

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp