انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس – بلونة، كسروان.
احتفل بالقدّاس الإلهيّ الأب ابراهيم سعد، خادم الرعيّة، بحضور كلّ من الخوري المرشد جوزف سلوم، خادم رعيّة مار فوقا – غادير، كسروان. والأب المرشد عبود عبود الكرمليّ. وخُتم القدّاس بكلمة للسيّدة جانيت الهبر عن نشأة الجماعة وروحانيّتها وأهدافها ونشاطاتها الروحيّة.
عِظة القدّاس الإلهيّ للأب ابراهيم سعد، خادم الرعيّة:
استهلّ الأب ابراهيم سعد عظته برسم إشارة الصّليب والتّسليم لها: “باسم الآب والابن والرّوح القدس، إله واحد، آمين”، معلناً بدء سلسلة القداديس الشّهريّة في الأربعاء الأخير من كلّ شهر، وذلك راحة لنفوس الموتى. وأشار إلى تخليد أسمائهم في السّجلّ الذّهبي، وإلى مرافقة الخوري لهم وذكره إيّاهم على المذبح، في كلّ قدّاس، بالأمانة التي يمنحه إيّاها أهل الفقيد.
وتابع مؤكّداً أنّه لم يعد هناك من يقول “ما حدا سامع”، فالله يسمعنا في كلّ حين، وقد جاء في إنجيل اليوم: ” تأتي ساعة يسمع فيها من في القبور صوته “؛ فهناك إذا وقت، يطلق فيه صوت الرّاعي، وعلى الرّعيّة أن تسمع، لأنّ “من في القبور” لا تعني الموتى فحسب، بل هي كناية عن من سجنوا في قبور ملذّات هذه الدّنيا وخطاياهم وكرههم، لذا، فدعوة “السّمع”، ليست موجّهة إلى موتى الجسد فحسب، بل إلى موتى الرّوح أيضاً. والكنيسة، تسمعنا كلمة الرّب في القداديس، حتّى نعتادها، فنتعرّف عليها حين “نسمع صوته “، فلا نغشّ، ولا نتوهّمها في صوت آخر غالباً ما يحاول أن يبقينا أسرى قبورنا الدّنيويّة، ويصمّ آذاننا، ويعمي قلوبنا عن سماع كلمة الرّب.
دعوتنا اليوم، للصّلاة من أجل الموتى حتّى، بصلاتنا من أجلهم، تتحرّك نفوسنا نحو التّوبة والتّعلّق بكلمة الرّب وصوته، فتنتعش نفوسنا، وتلتهب قلوبنا بمحبّته؛ إذ إنّنا من عائلة الرّب، ولا يمكن للموت أن يقطع حبل اتّصالنا بموتانا الذين نحبّهم، لأننا نصلّي راحة لنفوسهم، ولكي تحلّ عليهم رحمة الرّب، وبهذا نكون قد أكّدنا موقفنا الإيمانيّ تجاه الرّبّ وتجاه الميت؛ إذ إنّ هذا الأخير لا يحضر وحده في صلاتنا بل يكون مع الرّب.
فنحن بالتّالي، نصلّي من أجل أن يقوى صوت الله، ومن أجل أن يقوى سمعنا فنصغي إلى كلمته، لذا علينا أن نطلب حضور الرّب في حياتنا، وفي نفوسنا، حتّى تتنقّى قلوبنا، فنتخطّى كلّ حزن، إذ نحوّله إلى شوق الانتظار. فبالصّلاة لأجل راحة نفوس الأموات فرح لا يوصف، وهذا أمر صعب؛ ولكنَّ من يؤمن بالذي أرسلني نحو الحياة الأبديّة، يدرك، بل انتقل من الموت إلى الحياة، وهذا كلام صعب لا يدرك. لذلك نصلّي راحة لنفوس أمواتنا حتّى يكونوا في مكان لا تسمع به أذن، ولا يخطر على بال أحد، وحيث التّرح لا يعرف له طريقاً، لأنّه يأتي من الأسفل الّذي لا يصل إلى مصاف الرّب، ويحلّ الفرح لأنّه يأتي من الأعالي، ويملأ الأرجاء.
وعرّف الأب سعد أخيراً بنشاطات جماعتنا ” اذكرني في ملكوتك “، الّتي وصفها بأنّها صوت صارخ نحو أذن الرّبّ، وذلك بالصّلاة من أجل المنتقلين عنّا، وبمرافقة المرضى المشرفين على الموت حتّى يتعزّوا فلا يخافوه، رغم أنّه عدوّ، وبأعمال الرّحمة التي ندرك من خلالها معنى موت المسيح لأجلنا، وبرسالة التّعزية الشّهريّة التي يكتبها أحد الكهنة. أمّا القداديس الشّهريّة فتتنقّل بين الرّعايا حتّى تفرح القلوب وتحييها. ونوّه إلى أنه أراد لهذه الصّلاة أن تكون هنا، في هذه الرّعيّة، حتّى يَسمع الله، ويُسمع صوته، فتحيا القلوب.
وطلب الأب من الرّب أخيراً، أن يرحم الجميع، وأن يساعدنا على مواجهة الموت بقوّة وشجاعة وهامة مرفوعة ومن دون خجل، حتّى يتنبّه الرّب لوجودنا، فيقول لنا: “كنت أميناً على القليل، وسأجعلك أميناً على الكثير؛ أدخل إلى فرح ربّك”، آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العِظة بأمانةٍ من قبلنا.