انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،

كنيسة رقاد السيّدة – المحيدثة، المتن.

 عِظة القدّاس الإلهيّ للأب ملحم الحوراني، خادم الرعيّة:

أسئلة كثيرة تخطر في بالنا، ومنها تلك التي تختصّ بالموت، وذلك عند حدوث وفاة في العائلات المسيحيّة، كالسّؤال: “ماذا يرتدي المسيحيّون عند وفاة أحدهم؟”
الشّائع اليوم هو ارتداء اللون الأسود…

منذ أن نشأت الكنيسة، وهي تتطوّر نحو الأفضل، لا نحو الأسود- الأسوأ! ويقول القدّيس “يوحنّا الذّهبي الفم”: “ماذا يرتدي المسيحيّون؟ وماذا يفعلون؟ إنّهم يدنّسون “يوم القيامة هذا! إنّهم يتمسّكون بالأسود! لكنّ النّاجح، والمنتصر- والموت بداية، ونجاح، ونصر- يرتدي الثّياب الجديدة الوضّاءة!
ألا تؤمنون بالمسيح؟
ماذا تدفعون النّاس إلى توجيه التّهم إلى الله؟ ألا تحزنون على الله؟ أنتم تقاتلون أنفسكم!”

كتب أحد المؤرّخين:”لا ندب في جنازاتنا! فنحن نزيّن جنازاتنا بالهدوء العظيم! فنحن محفوظون في قلب الله، ولا نحتاج إلى تزيين قبر الميت بأكاليل زهور فانية، ستذبل بعد حين…نحن نفعم بالرّجاء، والفرح، والثّقة بعظمة الرّب، وهكذا نرتفع بالبركة، ونحيا!”

هل نخاف الموت، نحن المسيحيين؟
وحياتنا بجهادها وتعبها، بفرحها وبحزنها، بصلواتنا فيها ودعاءاتنا، متأهّلين كنّا أم عازبين، موجّهة ومتوجّهة نحو هذا اليوم! مار بولس، اشتاق هذا اليوم! 

يقول القدّيس : “متى الموت؟”
يخشى المشرفون على الموت هذا الأخير، لأنّهم مرهونون بروايات عن الموت!
أمّا نحن فلا نخاف الموت، بل نشتاق إلى الرّقاد، إلى يوم القيامة…

فمن عليه أن يخوض امتحانا، ينم جيّدا؛ نحن، علينا أن ننام! 

هناك مخطوطةٌ قديمة في كنيستنا، تعود إلى عام 1513، وفيها ملاحظةٌ للخوري من الكورة – فقد تسلَّمنا عن آبائنا عمل سبت الأموات ما قبل الصَّوم، وما قبل العنصرة-.

نَحمل الشُّموع، وننزل إلى “كويتري” باليونانيّة، أي غرفة النَّوم، ونقيم ذكرى الآباء السّابقين، ونكتب في النَّعي: “نحتفل بالصّلاة لراحة نفسه”، ولا نحزن ….

قال القدِّيس يوحنّا الذَّهبيّ الفمّ: لا بكاء، ولا دموع، حيث يُحتفل في سرّ الجنّازات!

إسمعوني! عندما يرقد أحدهم إنّما نحن نحتفل بسرٍّ عظيمٍ ورائع، من أسرار حكمة الله؛ فالنَّفس تترك الجسد وتذهب مسرعةً إلى ربِّها!

كما تشرق الشَّمس بهيّةً، ساخنةً، كذلك النَّفس تترك الجسد مسرعةً بضميرٍ نقيّ، وبِرِّقة الملائكة، وفي أبهى روعة…. فلماذا تندبون! فقد وُضِعَت الصّلوات والتَّرانيم والمزامير والتَّمجيد لله، لا لكي تنوحوا، بل لتشكروا الله!

ونحن نلتقي في الأربعاء الثّاني من كلّ شهر. وفي الشَّهر المقبل، يُحتَفل بتذكار الراقدين لجماعة” أذكرني في ملكوتك”، في دير سيِّدة اللّويزة…

  كانت هذه عظة الأب ملحم الحوراني في كنيسة رقاد السَّيدة – المحيدثة عند انطلاقة جماعتنا فيها، وقد خُتمَت بنبذةٍ عن “أذكرني في ملكوتك”، وعن أهدافها وأعمالها ورسائلها ونشاطاتها… متمنيًّا أن تتجدَّد لقاءاتنا كلَّ شهرٍ، وأن يدوم تقليد تدوين أسماء الموتى في السِّجلّ الذَّهبيّ، لتُحفَظ على المذبح في كلِّ قُدَّاس…

هم سبقونا، ونحن ننظر إليهم، وقد أقمنا هذا القدَّاس بوجود الآباء….

المسيح قام، حقًا قام!

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp