“طوبَى للرَّجل الذي يَحتمِل التَّجربة، لأنّه إذا تزكّى يَنال إكليلَ الحياة الذي وَعَد به الربّ للّذين يُحِبّونه” (يع 12:1)
عُرِّبَت عن قُدس الأرشمندريت فيليب راتشكا، راعي كاتدرائية البشارة للروم الملكيين الكاثوليك،وست ركسبوري – ماساشوستس،
غالبًا ما نقوم بأعمالٍ تبدو وكأنّها لا تنتهي، وتأخذ الكثير من وقتِنا وجهدِنا. أحيانًا نفكّر: لِمَ علينا أنْ نعتنيَ بقريبٍ مريض؟ ولِمَ علينا أن نواجه المشاكل في العمل؟ لِمَ لا تكون حياتنا ممتعةً دائمًا؟ نحن ننسى أنّنا لَسْنا على هذه الأرض لِنَتَمتّع فقط، وأنّ الحياة ليسَت مجرّد سلسلة من الحفلات اللامتناهيّة. نحن خُلقنا لِنُحِبّ الله، ولنُحِبّ الآخرين ونخدمهم.
خُلقنا لِنَنْموَ ونتقدّم في مسيرتنا الروحيّة لكي، شيئًا فشيئًا، نتقرّب من الله، ونصبح، يومًا بعد يوم، مثل يسوع المسيح. فَنُمُوُّنا في حياتنا الروحيّة يُساعدنا عادة على تخطّي الصعوبات، وبالتالي نَنمُو في الفضائل كالصّبر والوفاء والمثابرة والمسامحة والطِيبة. فَخِدمتنا للآخرين هي السبيل لِنَنموَ في المحبّة ونُظهِر محبّتنا للآخرين.
وفي الحياة تجاربُ كالمرض والموت، لا بدّ مِن أن نواجهها. بالنّسبة لِغيْر المؤمنِين، هذه مآسٍ مؤلمةٌ يجب تجنّبها. لذلك يلجَؤون للأدوية المسكّنة للألم، وحتى أنّ البعض يختار الانتحار بمساعدة طبيبٍ بدل العيْش في الألم. الله لا يريد أن يُصيبَنا الموت والمرض لأنّهما ثمرتا الخطيئة، ولكنّه يَستخدمهما لِخَيرنا. فمن خلال التّجارب والمِحن، يمكننا أن نقترب أكثر من الله.
فالمريض على فراش الموت يمكنه أن يهيّئ نفسه لدخول الحياة الأبديّة عندما يتصالح مع أهله وأصدقائه، ويشجّع الآخرين على المصالحة. ويمكنه أن ينقّي ضميره بالاعتراف بخطاياه. كما يمكنه أن يمضيَ وقت فراغه في الصّلاة من أجل العالم أجمع، وبفضله يحصل الآخرون على نِعمٍ كثيرة. ويقترِب مقدِّمو العناية أيضًا من المسيح عندما يَعتَنون بالمريض في أوقات المرض الحزينة بإظهارهم الحبّ والصّبر له.
عندما نهرب من تجارب الحياة، لا نُظهر حبّنا للآخرين؛ عندها نفقد فرصتَنا لِنَنمُوَ روحيًّا. ولكن عندما نقبل هذه التّجارب ونعملُ بثباتٍ لِنَجتازها، يستعمِلها يسوع المسيح لِيُقرّبنا منه أكثر.