انطلاقة “أذكرني في ملكوتك”،

كنيسة سيّدة الانتقال – مزيارة، زغرتا.

 عِظة القدّاس الإلهيّ للخوري جورج وهبة، خادم الرعيّة:

باسم الآبِ والابنِ والرُّوحِ القدسِ، الإله الواحد آمين.

أبتِ الفاضل، أخواتي وإخوتي بالربّ يسوع.

أحبُّ أن أُرحّب بهذه الجماعة التي تحمل أجمل اسم وأسمى مقام، استَقَتْهُ مِن الكتاب المقدّس وهو: “اُذكرني في ملكوتك”، وأرجو لها منه تعالى النَّجاح المستمر، والتوسُّع والانتشار لأنّها تؤول لخلاص النفوس كما أتمنّى أن تُحافظ على مسيرتها المقدّسة. أمّا اسمها فمستَوحى من الكتاب المقدّس، في السّاعة التي كان فيها المسيح مُعلّقًا على الصّليب بين لِصَّيْن، واحدٌ عن اليمين والآخر عن الشمال، ووسط هذه الآلام الموجعة، والعار الملحق بهم، صرخ لِصُّ الشمال وقال: “خلّصتَ كثيرين فإن كُنتَ أنتَ المسيح خلّص نفسك وخلّصنا وأنزلنا عن الصّليب” (لو35:23)، وإذا باللّص المصلوب عن يمين المسيح يقول: “اُسكتْ نحن بحقٍ جُزينا وصُلبنا، أمّا هذا الرجل فهو بريء، ولم يعمل شيئًا من السوء”( لو 41:23)، والتفت إلى يسوع وقال: “اُذكرني يا ربّ متى أتَيْتَ بملكوتك” (لو 42:23). فكان جواب يسوع له سريعًا: “الحقَّ الحقَّ أقول لك، اليوم ستكون معي في الفردوس”(لو43:23)، وهذه هي توبة اللّص المصلوب عن اليمين.

إخوتي وأخواتي فَلْيَعْلَم الجميع أنّ الكنيسة هي شركة مؤلّفة من ثلاثة أقسام:

أولًا، الكنيسة المجاهِدة، وهي التي تُصلّي، وتُقدّم القرابين، والحسنات، وأعمال الخير لصالحها، ولصالح مَن سبقها إلى دار الخلود، مُتذكِّرة تلك النفوس التي عبرت من هذه الفانية إلى الأبديّة…

ثانيًا، الكنيسة المتألّمة، وهي تلك النفوس التي تتألّم في المطهر، وتتطهّر من الآثام والخطايا، والهفوات، والنواقص التي ارتكبتها طيلة وجودها في الحياة الفانية، المحرُومة مِن مُشاهدة خالقها حتّى تتنقَّى من الخطايا، وتَخلُص بواسطة الصلوات، والقرابين، وأعمال البرّ والخير التي تُقدَّم عنها من قبل الكنيسة المجاهدة على الأرض، أي بتلك الأعمال الحسنة التي تقوم بها هذه الجماعة الحبيبة…

ثالثًا، الكنيسة المنتصِرة، وهي تلك النفوس التي تَطَهَّرت تمامًا من نقائصها، وصعدَتْ إلى السماء، فجلسَتْ تواجه وجه خالقها، لأنّ المسيح يقول في الإنجيل المقدّس، لا أحد مِنّا نحن البشر بدون خطيئة، وقد برهَنَ عن ذلك عندما أرادت الجماعة أن ترجم المرأة الزانية، حيث قال: “مَن منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”(يو 7:8)، فلمْ يرجمها أحد، وتبيّن أنّ الجميع خَطَأَة.

أحبّائي، أحبّ أن أقول لكم جميعًا، إنَّ الكنيسة ليست هذا البناء الجميل. فيسوع المسيح، عندما فقده والداه، ثمّ وجداه في الهيكل يَسْأَل ويُجَادِل العلماء، قالت له أمّه: “ها أنا وأبوك نطلبُكَ مُعذَّبين منذ يومين” (لو 48:2)، فقال لها: “ألا تعلمون أنّه عليّ أن أكون في بيت أبي؟”(لو 48:2). فالكنيسة إذًا هي بيت الله، وجماعة المؤمنين المعمّدين باسم المسيح، أي نحن البشر.

علينا، أعزائي، أن نعلم جميعًا هذه الحقيقة، وهي أنّ النفس لا تموت، بل تنفصل عن الجسد وتعود إلى خالقها، فهي خالدة خلود الله. ولهذا مِن واجبنا، نحن أبناء الكنيسة المجاهدة، أن نُجدّد اشتراكنا وتواصلنا بالكنيسَتَيْن، المتألّمة والمنتصرة، سائلين لأبناء الكنيسة المتألّمة الراحة الأبديّة، صُحبة الأبرار والصدّيقين، وطالبين مِن أبناء الكنيسة المنتصرة فَهْمَ سبب وجودنا على هذه الفانية السماويّة، كي نسير حسب إرادته ومشيئته تعالى، ونحافظ على نعمة الطهارة التي نلناها بواسطة سرّ العماد المقدّس. بنعمة الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، له كلّ المجد. آمين.

ملاحظة : دُوّنت العظة بأمانةٍ من قبلنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp