[blank h=”20″]
[/blank]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
بالقداس الإلهيّ لأجل الراقدين على رجاء القيامة،
في كنيسة مار الياس الحيّ – عين الصفصاف، المتن.
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
عظة القدّاس الإلهيّ،
للأب مخايل عوض – خادم الرعيّة،
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله واحد، آمين.
في هذه اللّيلة المباركة والسّماويّة الّتي تتّحد فيها الأرض بالسّماء، قال الربّ يسوع: “كما في السّماء كذلك على الأرض” (متى 10:6). إخوتي الأحبّاء، اليوم وفي كلّ لحظة من لحظات حياتنا وخصوصاً خلال الذّبيحة الإلهيّة، التي هي مصدر النّعم، هناك دائماً ذِكْرٌ لأمواتنا، كما في كلّ الصّلوات.
قال الرّبّ يسوع في هذا الإنجيل: “…مَن آمنَ بي وإن مات فَسَيحيا” (يو 25:11)،كما أنّه قال أيضاً: “بل قد انتقل من الموت إلى الحياة”، هنا تكمن المسألة. ما هو الموت؟ البعض يعتبر أنّه شرّ. يقول مار بولس: “حياتي هي المسيح والموت ربح لي” (فيليبي 21:1)، لأنّ حياته هي المسيح. أيّ أنّ الربّ يسوع كان وهو الآن وسيبقى هو الحياة. كما يقول القدّيس يوحنّا: “به كان كلّ شيء، من دونه لم يكن شيء ممّا كُوّن” (يو3:1)، أيّ نحن بكلمة الله أصبحنا موجودين، كُوّنّا بكلمة الله وهي يسوع وهو الحياة. قال الربّ يسوع عن ذاته: “أنا الطّريق والحقّ والحياة…”. (يو6:14).
إنطلاقاً من هذا التّأمّل، أريد الكلام على ثلاث كنائس هي:
الكنيسة المجاهدة وهي البشر الموجودون على الأرض. هي تحيا بإيمانها بالرّبّ يسوع وتحبّه وتترجّى القيامة معه. هناك حياة مستترة مع المسيح، حياة داخليّة مع يسوع لا بل هو الحياة في داخلنا، هو يحيا ويتحرّك، وبه نحيا ونتحرّك.كما يقول مار بولس: إنّنا إذا كنّا هياكل الرّوح القدس فدوره هو أن يُعطينا الحياة، لذا نقول: “أيّها الملك السّماويّ المعزّي، روح الحقّ الحاضر في كلّ مكان مالك الكلّ” أيّ أنّ روح الرّبّ واحد وهو يملأ البشريّة كلّها. هذا ما يُوحّدنا، يُوحّد الكنيسة المجاهدة والكنيسة المتألّمة والكنيسة المنتصرة. لا شيء يُوحدّها إلّا الرّوح القدس السّاكن في كلّ إنسان على الأرض. ولكن الرّوح القدس إمّا أن يكون فاعلاً فينا، وإمّا أن يكون حزيناً، كما يقول مار بولس: “لا تُحزِنوا روح الرّبّ السّاكن فيكم”. فإذا حَزِنَ مرّةً وبعدها تُبْنا واعترفنا بخطايانا يفرح من جديد ويعيش فينا ويُجدّدنا، ولكن إذا عشنا في الخطيئة بقيَ حزيناً وشُلّ عمله. على الرّغم من قوّته، الخطيئة هي الوحيدة الّتي تكون حجر عثرة في طريقه فتمنعه من القيام بعمله.
لذلك يقول لنا يسوع دائماً أن نتوب، فهو يشفينا ويغفر لنا ويُطهّرنا ويُنقّينا. كما في مزمور “ارحمني يا الله”: “إغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيئتي طهّرني” ويُكرّر “روحك القدّوس لا تنزعه منّي”. (مز 150)
الرّوح القدس يُوّحِدُنا، نحن، الكنيسة المجاهدة، بالكنيسة المتألّمة، والكنيسة المنتصرة أيّ أبناء السّماء. لذلك نجتمع للصّلاة من أجل أمواتنا. إذا كان روح الرّبّ فينا يُوحّدنا ولكن إذا كان الروح النجّس فينا فهو يُفرّقنا، وهنا يحصل التّشتّت والبُعد وكره النّاس بعضهم لبعض، عندها لا نستطيع أن نُصلّي من أجل ذاتنا أو من أجل بعضنا أو من أجل أمواتنا. هذا هو جوهر حياتنا المسيحيّة واتّحادنا بالسّماء وأبنائها. الموجودون في “المطهر” حتماً مصيرهم أبديّ في السّماء، والإنسان نفسه يعلم ذلك عندما يرى ربّنا، أيّ عندما ينتقل من هذه الحياة الّتي نعيشها، تتجلّى الحقيقة أمامه فيرى كيف عاش حياته.
الكنيسة المجاهدة هي أنتم وأنا واسمنا هو المجاهدون. والمجاهد هو الجنديّ الّذي يقول عنه مار بولس:”خذوا سلاح الله الكامل لِتستطيعوا المقاومة في اليوم الشّرير” (أف 6:10-11)، وليس في اليوم الشّرير فحسب بل في كلّ أيّام حياتنا “خذوا خوذة الخلاص، سيف الإيمان، ترس الرّوح، أنعلوا أقدامكم باستعداد إنجيل السّلام” أيّ كونوا دائماً متأهّبين مثل الملائكة.
الكنيسة المجاهدة، أيّ نحن، جنود، والجنديّ لا ينام، لا يدع روحه تغفل عن حقيقة أنّه لا يعرف متى يأتي السّارق كما يقول يسوع: “اسهروا وصلّوا لأنّكم لا تعلمون في أيّة ساعة يأتي السّارق…” ( متى 42:24)، والجنديّ يهتمّ بإرضاء الّذي جنّده أيّ يسوع كما يقول مار بولس، يسوع هو القائد، مريم العذراء هي قائدة السّفينة كما مار يوسف، إذاً الكنيسة المنتصرة ونحن الكنيسة المجاهدة، نصلّي من أجل الكنيسة المتألّمة.
من هي الكنيسة المتألّمة؟ هي النّفوس الموجودة في “المطهر”، التي هي في حالة بين الصلاح والشر، إذ إنّ الرّحمة الإلهيّة قد نجّتهم من جهنّم، ويستفيدون من صلوات الكنيسة والمؤمنين. فالعذراء مريم ومار ميخائيل موكّلان من قِبَل الثّالوث الأقدس بِحمل الصّلوات إليه حتّى يُشفق عليهم ويرحمهم. والسّؤال هنا: هل الله بحاجة إلى صلواتنا كي يرحمهم؟ إذا كان الرّوح القدس يُوحّدنا فالرّوح الّتي تَجتهِد هي نفسها الموجودة في “المطهر”، هي نفسها الرّوح المنتصرة. هناك وحدة حال. عليكم الانتباه لأنّ الرّوح الّذي يُوحّدنا واحد ويُوحّد الكنائس المجاهدة والمتألّمة والمنتصرة. لذلك الثّالوث الأقدس ينتظر صلواتنا كي نُشارك بعضنا حتى يكون هناك شركة محبّة توحّدنا وتقدّسنا. فيأخذ مار ميخائيل والعذراء الصّلوات والأهم منها الذّبائح الإلهيّة ويرفعانها إلى الثّالوث الأقدس فَينحني يسوع المصلوب وبدمه يُطهّر النّفوس المطهريّة ويُنقّيها ويؤهّلها إلى مطهر الشّوق؛ أيّ مَن لم تُضاهِ محبّته محبّة الله يمرّ بمطهر الشّوق حتّى تصبح محبته لا متناهية كمحبّة الله اللّا متناهية.
من المهمّ فَهْم هذه الحقيقة: إنّنا الكنيسة المجاهدة مع الكنيسة المنتصرة نُصلّي من أجل أمواتنا. زارت امرأة، مرّةً، القدّيس أغسطينوس تبكي لأنّ ابنها الشّاب الوحيد قد توفي فقال لها: “يا بُنيّتي إنّك تبكين ماءً فَلِمَ هذه الدّموع؟ عليك أن تبكي دماً لأنّ ابنك انفصل عن يسوع إلى الأبد.عندما يقول: “إذهبوا عنّي يا ملاعين إلى النّار المؤبّدة الّتي أُعدّت لإبليس وملائكته”. ولكن نحن دائماً نطمع برحمة الله، وذلك ضروريّ لأنّنا ضعفاء وخطأة. ونقول له أنتم وأنا “يا ربّ إذا أدرت نظرك عنّا للحظة سنصبح أكبر خاطئين، ارحمنا يا ربّ برحمتك يا شفوق يا رحوم يا محبّاّ للبشر ارحمنا”.
الكنيسة المنتصرة هي هذا الوعاء، الإناء الّذي نظّفه ربّنا وطهّره فأصبح لامعاً شفّافاً إلى حدّ أنّنا لم نعد نراه، هذا الإناء هو النّفس الّتي ملأها الثّالوث الأقدس نعماً. أنظروا إلى مار شربل، القدّيسة رفقا، مار الياس الحيّ الّذين أصبحوا آنيةً طاهرةً، نقيّةً، شفّافةً، لامعةً، قدّيسةً أيّ ممتلئةً من الله. هذه هي الكنيسة المنتصرة.
أين نحن من هذا الوعي على الحقيقة؟ ما الحاجة إلى البكاء والدّموع من أجل شخص فقدناه ونحبّه؟ هذه الحقيقة تؤلمكم وتؤلمني إلّا أنّها لا تؤلم فعلاً بل تُطهّر والتّطهير يؤلم. الحقّ يُحرّرني.
إذاً إخوتي الأحبّاء، سمعتم ما قاله مار بولس. في الفصل الخامس عشر من هذه الرّسالة إلى أهل كورنثوس يقول: “على مثال الأرضيّ يكون الأرضيّون، على مثال السّماويّ يكون السّماويّون. فأقول هذا أيّها الإخوة إنّ اللّحم والدّم لا يستطيعان أن يرثا ملكوت الله” (1كور 48:15)، ذلك يعني أنّ الّذي يرث ملكوت الله هو السّاكن في اللّحم والدّم أيّ الرّوح الّتي منه، السّاكنة في النّفس، والنّفس هي الوعاء الّذي يسكن فيه الرّوح. إذا كان هذا الوعاء نظيفاً تقوم الرّوح بعملها جيّداً وتقدّسني وتطهّرني وتنقّيني أمّا إذا كانت النّفس خاطئةً فتبقى الرّوح مضطربةً، حزينةً، عاجزةً عن القيام بأيّ شيء في الإنسان. هكذا نهين الله. النّفس المتعبة لا تستطيع الصّلاة ولا تدع الرّوح الّذي في داخلكم يُصلّي. إنّ الرّوح القدس فيكم يُصلّي بأناتٍ لا توصف. ما يُتعب نفسي هو هموم الدّنيا، فنقول خلال القدّاس “لِنطرح عنّا كلّ همّ دنيويّ لِنستقبل ملك الكلّ”. فعندما لا نصلّي نكون محبطين نرزح تحت وطأة مشاكلنا.
في هذا المساء المبارك، في الذكرى الرّابعة والثّلاثين لظهور عذراء مديغورييه، نحتفل في القدّاس الشهري الأول لأجل الراقدين على رجاء القيامة مع جماعة “اذكرني في ملكوتك”، التي أرادتها عناية الربّ، وكان لنا فرح اللقاء بها خلال زيارة أخوات من أبناء الرعية الى مديغورييه، وقد استمدّت اسمها من كلام اللصّ الذي كان إلى يمين الربّ يسوع على الصّليب يشاركه في آلامه.كذلك، تجدون هذه العبارة على سجلّ خاصّ بكنيسة مار الياس الحيّ – عين الصفصاف، حيث ستّدوّن فيه أسماء الإخوة المنتقلين من بيننا، وتذكر كلّ شهر في الذبيحة الإلهية التي نقدّمها لأجلهم.
ملاحظة: دُوّنت العظة من قبلنا بتصرّف.
[/column]
[blank h=”20″]
[/blank]