[blank h=”20″]

[/blank]

[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]

انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،

بالقداس الإلهيّ لأجل الراقدين على رجاء القيامة،
في كنيسة مار شربل – كرم سده، زغرتا.

[/column]

[divider type=”1″]

[/divider]

[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]

عظة القدّاس الإلهيّ،

للمطران جورج بو جوده ،

[/column]

[divider type=”1″]

[/divider]

[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]

باسم الآب والابن والروح القدس الإله واحد، آمين

أبتي، أخواتي، إخوتي الأحبّاء،

إنّ الشّعار الّذي اخترتموه لجماعتكم مُستمدّ من الإنجيل، من كلام اللصّ الذي كان إلى يمين الربّ يسوع على الصليب يشاركه في آلامه، وهو يُعطينا المعنى الحقيقيّ للموت: “يا ربّ، اُذكرني في ملكوتك”، إذ كان جواب الربّ يسوع: “اليوم تكون معي في الفردوس”.

الشّاعر الكبير سعيد عقل، على الرّغم من أنّه لم يكن لاهوتيًّا، كانت لديه نظرة لاهوتيّة، لذلك قال إنّه من الممكن التأكّد من أنّ ذلك اللصّ هو القدّيس الوحيد الموجود في السّماء لأنّ الربّ يسوع طوَّبه بنفسه وقال له إنّه سيكون معه يومها في الفردوس.

طبعاً، نحن نؤمن بأنّ الكنيسة ترفع الكثيرين إلى الملكوت السّماويّ نظرًا إلى الحياة الّتي عاشوها ولكنّها، دائمًا، تستمدّ تعاليمها من كلام المسيح المذكور في الإنجيل الّذي قرأته منذ قليل.

بشريًّا، في أحيان عديدة، عندما نفقد شخصًا عزيزًا نصِل إلى مرحلة من اليأس والإحباط إلى أن ننتبه، من جديد، لحقيقة تعاليم المسيح. بالطّبع، الشّخص الّذي فقدناه لن نراه مُجدّدًا، لأنّه لم يعد يعيش معنا فنشعر بانسلاخ. ولكن عندما نسمع كلام المسيح وهو يقول “انتقل من الموت إلى الحياة”، نعرف أنّ للحياة على الأرض نهاية. فعندما يموت جسدنا نولد من جديد، نعود إلى مصدرنا الأوّل، إلى الملكوت السّماويّ، لأنّنا أحيانًا كثيرة ننسى هذه الحقيقة وهي أنّ الله خلقنا على صورته ومثاله وأعطانا روحه، والله لا يموت. لقد أعطانا روحه، جعلنا إلى جانبه في الفردوس، أعطانا حياةً وسعادةً لا نهاية لهما. ولكنّنا كنّا ولا نزال نتكبّر على الله ونضعه جانباً، نستسلم لإغراءات الشّيطان الّذي قال لنا إنّنا إذا خالفنا أمر الرّبّ وأكلنا ثمرًا من شجرة معرفة الخير والشرّ، أصبحنا غير محتاجين إلى الله لأنّنا أصبحنا آلهةً بأنفسنا، ونسيْنا كلام الرّبّ لأبويْنا الأوّليْن “لا تنسَ يا إنسان أنّكَ من التّراب وإلى التّراب تعود”.

في موقفنا الرّافض لله، أي عندما نضع الله جانباً، نحكم على أنفسنا بالموت لكنّ الله يحكم لنا بالحياة، فهو خَلقنا على صورته ومثاله وبالتّالي لا يُمكن أن نموت الموت الأبديّ بل ننتقل بالموت من الموت إلى الحياة

تأكيدًا على هذه الحقيقة هناك مثل أساسيّ هو يسوع المسيح، ابن الله، الّذي صار إنسانًا ومات كإنسان إلّا أنّه انتصر على الموت بالقيامة، كما تقول اللّيتورجيا البيزنطيّة “وطئ الموت بالموت لِيُعيد الحياة للّذين في القبور”.

لذلك نحن نُصلّي من أجل راحة نفوس أمواتنا كي يُعاملهم الله برحمته لأنّنا كلّنا، أحيانًا كثيرة على الأرض، نتّخذ موقف أبويْنا الأوّليْن ونحاول أن نجعل من أنفسنا آلهةً ونتصرّف في حياتنا اليوميّة كما لو أنّ لا علاقة لله فيها، فلا نُفكّر إلّا في القضايا الماديّة وننسى القضيّة الأساسيّة وهي أنّنا سنعود إلى بيت الآب السّماويّ.

هنا، تتخّذ الصّلاة، معناها، من أجل راحة نفوس أمواتنا وهذا هو شعار جماعتكم.

سأتطرّق إلى فكرة لاهوتيّة أساسيّة في حياتنا المسيحيّة. تذكّروا عندما كنّا صغارًا وكبرنا، هناك تعليم أعطتنا إيّاه الكنيسة نسمّيه شركة القدّيسين. هناك الكنيسة المجاهدة، الكنيسة المتألّمة والكنيسة المنتصرة. كلّنا كنيسة واحدة. الكنيسة المجاهدة هي نحن الّذين لا نزال نعيش، جسديًّا، على الأرض، والكنيسة المتألّمة هي أمواتنا الّذين سبقونا إلى دنيا الحقّ وهو يمرّون بمرحلة تطهيريّة، فالمطهر ليس مكانًا وإنّما مرحلة لتنقيتهم من رواسب خطاياهم كي يعودوا إلى البيت الأبويّ ويُصبحوا من أعضاء الكنيسة المنتصرة.

نُجاهد، نُصلّي من أجل أمواتنا لكي نصل بعد الحياة إلى الحياة الأخرى، ننتقل بالموت من الموت إلى الحياة. لذلك تدعونا الكنيسة، دائماً، للصّلاة من أجل أمواتنا وكي نقولَ للرّبّ الكلام الّذي قاله اللّصّ، الّذي كان إلى يمينه، “يا ربّ اُذكرني متى أتيْتَ في ملكوتك”. ما نتمنّاه هو أن نكون مثله ونسمع كلام الرّبّ يقول له ولنا “اليوم ستكون معي في الفردوس”.

هذه هي حقيقة إيماننا المسيحيّ الّذي ليس انتساباً إلى جماعة بشريّة أو قضيّة فلسفيّة أو فكريّة أو عقيدة إيديولوجيّة. إيماننا المسيحيّ ليس تيّارًا فلسفيًّا، فالمسيح ليس أرسطو أو أفلاطون أو أيّ فيلسوف من الفلاسفة والمفكرين. المسيح هو ابن الله الّذي صار إنسانًا وتخلّى عن ألوهيّته كي يعيش معنا إلهًا وإنسانًا. وكما يقول لنا مار بولس في رسالته إلى أهل فيلبي “لم يعدّ مُساواته بالله غنيمة بل تجرَّد من ذاته حتّى الموت، موت الصّليب ولذلك رفعه الله”. (فيلبي 6:2-8)

إيماننا هو بهذا الشّخص، هو هذه العلاقة بيسوع المسيح. إنْ لم تكن هذه العلاقة موجودة فنحن لسنا بمسيحيّين. وإن لم تكن التّعاليم والنّظريّات الّتي نؤمن بها مبنيّة على هذه العلاقة فلا قيمة لها. هذا ما يُذكّرنا به، دائماً، قداسة البابا فرنسيس: لا تنسَوْا أنّ علاقتكم هي بيسوع المسيح، عندما نؤمن به ونبني علاقتنا معه يُصبح لتعاليمه معنى بالنّسبة إلينا، فإيماننا ليس نظريّاتٍ وأفكاراً بل هو حياة.

 لذلك أنا أهنّئكم على هذه المبادرة الّتي اتّخذتموها للصّلاة من أجل الأموات الّذين انتقلوا من هذه الدّنيا إلى دنيا الحقّ. فلنُصلِّ من أجل أن نكون، نحن أيضاً، مُستعدّين، حين تحين ساعتنا، إلى أن نسمع الرّبّ وهو يقول لنا: “اليوم تكونُ أو تكونين معي في الفردوس”.

اُصلّي معكم اليوم من أجل هذه النّيّة. ونقدّم هذه الذّبيحة الإلهيّة، عشيّة عيد العنصرة، عيد حلول الرّوح القدس على التّلاميذ. ونطلب من الرّبّ أن يُعطينا الرّوح القدس، يَفتح عقولنا وقلوبنا كي نفهم حقيقة إيماننا ونعيشها في كلّ لحظة من لحظات حياتنا. آمين.

 ملاحظة: دُوّنت العظة من قبلنا بتصرّف.

[/column]

[blank h=”20″]

[/blank]

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp