[blank h=”20″]
[/blank]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
بالقداس الإلهيّ لأجل الراقدين على رجاء القيامة،
في كنيسة مار يوسف – ضهر العين، الكورة.
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
عظة القدّاس الإلهيّ،
الخوري فؤاد الطَبَش – خادم الرعيّة،
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
“لا تخافي يا مريم، لأنّكِ وجدتِ نعمةً عند الله، وها أنت ستحبَلين وتلِدين ابنًا تُسمّينه يسوع”(لو 1: 30-31)
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
زمن الميلاد يُفتَتَح بِبِشارتَيْن: بشارة زكريّا وبشارة العذراء مريم. وفي مقارنة بين هاتين البِشارتَيْن، لا نكتشف وجه الشَبَه بينهما إنّما نكتشف وجه الاختلاف، الّذي يظهر في نتيجة صلوات كلٍّ مِن هذين الشخصَيْن الـمَعْنِيَين بالبشارة. ففي بشارة الميلاد الأولى، نجد أنّ زكريّا كان يرفع الصلوات إلى الله من أجل حصوله على ولدٍ ليَنزع العار عن بيته. فالعار في العهد القديم، كان يطال كلّ زوجَيْن لا أولاد لهما، وهو يَطال المرأة تحديدًا، أي أليصابات في هذه العائلة.
إذًا، تلك كانت طلبة زكريّا إلى الله، يُرَدِّدها طول حياته، وبخاصّةٍ عندما يكون في قدس الأقداس. وعندما وجد زكريّا أنّه أصبح طاعنًا في السِّن، وامرأته عاقرًا، اعتقد أنّ كلّ صلواته قد ذهبت سدىً، فقرّر الاستسلام والرّضوخ لِوَضعِه هذا. غير أنّ الله قد تدخَّل في حياة زكريّا حين فَقَدَ هذا الأخير الأمل بحصوله على ولدٍ، فأرسل له الملاك جبرائيل لينقل إليه البشارة أنّ طِلبته استُجِيَبت، وبالتّالي ليذكِّر زكريا أنّ الله قادرٌ على كلّ شيءٍ، وأنّه قادرٌ على زرع الرّجاء حيث لا رجاء. أمّا بشارة الميلاد الثانية، فهي تختلف كلّ الاختلاف عن الأولى، إذ إنّ مريم لم تطلب من الله أن تحمل ابنه يسوع المسيح في أحشائها. إنّ والِدَيْ مريم، حنّة ويواكيم، كانا عجوزَيْن عاقِرَيْن، لا أولاد لهما، ولكنّ الله منحَهما في شيخوختِهما فتاةً وهي مريم، فَقَدّماها للهيكل لفترةٍ من الزمن ثمّ ما لبثَتْ أن عادت إلى المنزل.
إذًا، كانت مريم تعيش في محيط يغلب عليه طابعُ الإيمان والصّلاة والاتّكال على الله، وقد تعلّمَت منه أن تكون على استعدادٍ دائم لتلبية نداءات الرّبّ، بالطريقة الّـتي يطلبها وحين يطلبها. وها هو الملاك جبرائيل يظهر، من جديد، مُرسَلاً من الله إلى أرض البشر، ليُبَشِّر مريم، بالميلاد الإلهيّ.
إنّ الله في العهد القديم، كان يُكلِّم الشعب بواسطة الأنبياء الّذين كانوا يُرشِدون الشعب إلى طريق الله، ولذا نقرأ في الكتاب: “لديهم موسى والأنبياء”، إذ إنّ الله كان يعتمد هذه اللّغة مع شعبه في القديم. أمّا في العهد الجديد، فَقَدْ غيّر الله طريقة تواصلِه مع البشر إذ أرسلَ الملاك جبرائيل أوّلاً إلى زكريّا، ثمّ إلى مريم العذراء: أرسَله إلى زكريا ليُبَشِّرَه أنّه سيُرزق بولدٍ يُمهِّد الطريق أمام المخلّص؛ وأرسَلَه إلى مريم ليُبَشّرَها بمجيء المخلّص الّذي سيجلس على عرش أبيه ويُخلِّص جميع النّاس.
إنّ الله افتَتَح صفحةً جديدةً مع البشر مُغايِرة للعهد القديم، إذ أظهرَ لهم حنانه ومحبّته من خلال مولِد يوحنّا ف البشارة الأولى، كما يريد الله أيضًا، من خلال البشارة الثانية، أن يمنح الإنسان نِعمةً عُظمى بدعوة الإنسان للاشتراك في مشروعه الخلاصيّ للبشر، وإنّ مريم كانت الأولى في قبولها. إنّ سؤال مريم: “كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً؟”، لم يكن نتيجة علامات استفهامٍ عند مريم في إمكانيّة تحقّق مشيئةِ الله، إنّما كان من أجل الاستيضاح كي تعرفَ ما هو دورها، وما هي الطريقة الّتي يجب أن تعتمدَها لتُحقِّق مشيئةَ الله، وتساعدَه في ذلك. فأتاها الجواب لسؤالها عبر الملاك، قائلاً لها إنّ روح الله يحلّ عليها، وإنّ قدرة العلّي ستُظلِّلُها وتحمِيها، وإنّ المولودَ منها نبيُّ العليّ يُدعى، وهو المسيح يسوع، ابن الله.
إنّ هذا النّص الإنجيليّ قد قرأناه السنة الماضيّة في ضوء سنة الرّحمة، السنة اليوبيليّة الّتي أعلنها البابا فرنسيس. أمّا اليوم، فَنَقرَأه بطريقةٍ مختلفةٍ، إذ نفهمه هذه السنة في ضوء نضوجِنا ونموِّنا في هذه السَّنة المنصرمة. ولذا، فإنّ السؤال الّذي نطرحه على ذواتنا انطلاقًا من هذا الإنجيل هو: كيف السبيل لإيصال كلمة الله في عالمٍ تملؤه الحروب، ويسوده الظلم، ويأكل فيه القويّ حقّ الضعيف؟ إنّ نهاية سنة 2016، تحمل لنا بشارة ولادةِ المخلّص، وهو مخلِّص لكلّ فردٍ منّا، فإمّا أن نكون مثل زكريا، وإمّا أن نكون مثل مريم، أمام هذه الولادة المنتظرة للمخلِّص.
فإن اعتمدنا موقف زكريا، نَظَرْنا إلى هذا العالم، فاقِدِينَ الأمل في تغييره، وعندها سيأتي الربّ ليُعيدَ علينا كلمات الترنيمة الميلاديّة الّتي نرنمّها في عيد الميلاد: “ليلة الميلاد يُمَّحى البُغض، ليلة الميلاد تُدفَن الحرب”، وبالتّالي فإنّ الربّ يذكِّرنا بأنّ مجيئَه قادرٌ على تغيير ما يَعجز البشر عن تغييره، وعلى تغيير كلِّ المفاهيم البالية الّتي تسود مجتمعَنا. أمّا إن اعتمدنا موقفَ مريم، فَنَحنُ سنطلب من الربّ أن يُعطينا الجهوزيّة التّامة لتلبية نداءاته لنا، لنساعده في مشروعه الخلاصيّ، ونسأله عن الطريقة الّتي يرغب أن نعتمدَها في إيصال كلمتِه إلى الآخرين، واضعينَ كلّ اتّكالِنا عليه، مُردِّدين مع مريم العذراء: “لتكن مشيئتك”، فيتمّ التغيير فينا وفي الآخرين، بالطريقة والزّمان اللّذيْن يريدهما الرّبّ. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة من قِبَلِنا بتصرّف.
[/column]
[blank h=”20″]
[/blank]