انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
كنيسة مزار مار شربل – حمانا، المتن.
عِظة القداس الإلهيّ للأب شربل عساف:
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
في هذا المساء المبارك، في هذا المزار، مزار القدّيس شربل، نحتفل بعيد الصّليب المقدَّس، ونحن لا نزال في مطلع زمن الصّليب. وها نحن اليوم نُكرِّم صليب يسوع المسيح القائم من بين الأموات. إنّ هذا الصّليب لا يرتبط أبدًا بالألم والموت، فالصّليب قَبْل أن يُصلَب عليه الربّ يسوع المسيح كان أداة للتّعذيب، كما كان أداة للعار. إنّما يسوع المسيح الذي صُلِب على هذا الصّليب وقام من بين الأموات، حوّل هذا الصّليب إلى نبع الحياة ونبع الأنوار، منه نستمدّ كلّ معونةٍ ونحارب الشّر الموجود في هذا العالَم. إنّ الصّليبَ سلاحُنا به نواجه كلّ شخصٍ يريد أذيّةَ الآخر.
فلا نخافنّ أبدًا مِن أن نرسم إشارة الصّليب، ولا نشكَّنَّ أبدًا في إيماننا بأنّ هذا الصّليب هو فخرُنا وهو خلاصُنا، وهو الّذي سَيوصِلُنا إلى يسوع المسيح. لا تخافوا أبدًا مِن حَمل الصُّلبان في حياتكم، احملوها بفرحٍ ومحبّةٍ لأنّ مَن يحمِل صليبَه بِفَرحٍ ومحبّةٍ وإيمانٍ، يكون على ثقة أنّه سيصل إلى الربّ يسوع.
إنّ الإنجيل الّذي سمعناه يتكلّم على الدّينونة، وهذا هو جوّ كلّ زمن الصّليب، الّذي يذكّرنا بأنّه هناك حساب: هناك ثوابٌ وهناك عقابٌ. ويتكلّم هذا الزّمن على أنّ الربّ يسوع سيأتي في المجيء الثاني ليَدين الأحياء والأموات. وعلى الإنسان أن يختار بين أن يكون إمّا من أبناء النُّور وإمّا من أبناء الظّلمة. الربّ لن يحاسب الإنسان على أعماله، إنّما الإنسان نفسه سيُحاسَب أمام الربّ على أعماله: فإن كان الإنسان يسعى إلى عمل المحبّة ويعيش المحبّة مع الآخر، سيَكون حتمًا من أبناء النُّور؛ ولكن إن لم يسعَ في حياته إلى السّلام وإلى احترام الآخر وإلى كلّ ما يؤدِّي إلى الصّلاح، فهو حتمًا لن يكون من أبناء النّور. لذا، علينا أن نَسير، بمعونة ربّنا حامِلِين صليبَه، دربَ الملكوت كي نلتقي به في الملكوت الأبديّ.
فالإنسان، يا أحبّائي، عليه أن يختار إمّا أن يكون مع يسوع المسيح، وإمّا أن يكون خارج حظيرة يسوع المسيح. حياتنا على هذه الأرض، هذه المسيرة الّتي نعيشها، لها نهاية؛ إنّما الحياة مع الربّ يسوع، الحياة الأبديّة، لا نهاية لها، فهناك السّعادة والفرح، هناك اللِّقاء الحقيقي، لذا علينا الاستعداد لهذا اليوم، يوم اللِّقاء الأبديّ بالربّ، والتحضير له في كلّ يوم من حياتنا؛ وإذا أغفلناه ولم نحضِّر له، فإنّ السّيدة مارغريت ومِن خلالها جماعة “أذكرني في ملكوتك” ستُخبرنا عن هذه الجماعة التي تصلِّي من أجل أمواتنا الرّاقدين بالربّ كي يتمتّعوا بالمجد الأبديّ. إنّ هذه الجماعة تساعد كنيسة الأرض كي تتَّحِد بكنيسة السّماء.
هذا ما عاشه القدِّيس شربل على جلجلة عنايا، إذ اختار طريق النّور، واختار أن يحمل الصُّلبان، أن يحمل الألم وأن يُضحِّي بأمور كثيرة في حياته وأن يعيش الإماتة، وأن يرجِع إلى نفسه وأن يُقرِّب ذاته قربانًا حيًّا للربّ يسوع ويسعى إلى عمل المحبّة، حتّى يلتقي بالربّ يسوع.
ها هو القدِّيس شربل يتمتّع بالمجد الأبديّ، إنّه مثالٌ وشفيعٌ لنا كي نكون على مثاله ساعِين كلّ يوم في حياتنا كي نلتقي بمار شربل. من المهمّ جدًّا أن نتشفّع للقدِّيسين ومن المهمّ جدًّا أن يكون لدينا الإيمان بقدرة ربِّنا وبشفاعة قدِّيسيه، ولكنّ الأهمّ هو أن نعمل على حياتنا كي نعيش مع شربل القدِّيس في الملكوت السّماوي، فنرى الربّ، وجميع القدِّيسين ومنهم القدِّيس شربل في المجد الأبديّ.
عسى أن يكون هذا المساء، مساء هذا الأحد المبارك، مساءً خيًّرا ومباركًا وفَرَحًا دائمًا بالربّ، نسعى فيه إلى أن نحبّ بعضًا البعض ونُسامح بعضنا البعض. ونعيش مع ربِّنا يسوع الذي نراه يوميًّا في أخينا الإنسان. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العِظة ِبأمانةٍ مِن قِبَلِنا.