[blank h=”20″]
[/blank]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
بالقداس الإلهيّ لأجل الراقدين على رجاء القيامة،
في كنيسة مار مارون – الأنطونية، الحدت، بعبدا.
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
عظة القدّاس الإلهيّ،
للأب فرنسيس جرماني – خادم الرعيّة،
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
باسمِ الآبِ والابنِ والرُّوحِ القُدسِ، الإله الواحد، آمين.
مساءٌ مباركٌ، وقدَّاسٌ مباركٌ للجميع،
لقاؤنا في هذا المساءِ المـُباركِ ليس لقاءً اعتياديَّاً ألِفناهُ في رعيَّتِنا، فبالرَّغم من أنَّ كلَّ لقاءٍ نحياهُ مع يسوعَ الحيِّ والقائمِ من الموتِ يجبُ أن يكونَ ميزةً خاصَّةً في حياتنا الرُّوحيَّة والرَّسوليَّة والرَّعائية، فكيف إذاً إن شاءتِ الإرادةُ الإلهيَّة ُأن تجمعَنا مع جماعةٍ رسوليَّةٍ مسكونيَّةٍ تُدعى “اذكرني في ملكوتك؟” وهذه الجماعةُ تعملُ بإرادةٍ من الرَّبِّ على زرعِ صوتِهِ وندائِهِ ليكونَ مسموعاً في هذه الرَّعيَّة من خلالها وبواسطةِ رسالتِها.
“اذكرني في ملكوتك” جماعةُ عزاءٍ، جماعةٌ أتَت لتُبلسِمَ جراحَ البشريَّة ببلسَمِ الإيمانِ والمحبَّةِ والتَّعزيةِ الرُّوحيَّة، وقد نشأَتْ بفعلِ صرخةِ ألمٍ ووجعٍ يحياهُ كلُّ إنسانٍ نتيجةَ أحداثٍ أليمةٍ.
وهذه الجماعةُ قد أصبحَتْ منذُ هذا المساءِ “من أهلِ البيتِ”، وسنلتَقيها في السَّبتِ الثَّاني من كلِّ شهرٍ لنُصلِّيَ معاً من أجلِ راحةِ أنفسِ موتانا عموماً. وهم قد أصبحُوا في ملكوتِ ربِّنا الأبديِّ، ونحنُ اليومَ نستذكِرُهُم ونحيي ذِكراهُم بالصَّلاةِ، وبالذَّبيحةِ الإلهيَّة. وقد خُلِقَت لأمواتنا مكانةً وميزةً خاصَّةً في حياتِنا اليوم نحنُ كأفرادٍ وكجماعةٍ مسيحيَّةٍ، وقد باتوا مسؤوليَّةً روحيَّةً تقعُ على عاتق ِكلِّ إنسانٍ مِنَّا، إذ صِرنا اليومَ نحملُهم معنا في كلِّ لحظةٍ نستحضرُ فيها ربَّنا يسوعَ، في كلِّ صلاةٍ فرديةٍ، في كلِّ صلاةٍ للمسبحةِ، في كلِّ تأمُّلٍ فرديٍّ وفي كلٍّ مشاركةٍ في القدَّاسِ الإلهيِّ. فهؤلاء الأشخاص الذين فارقوا الحياةَ، أصبحوا جزءاً كبيراً مِنَّا، وإن غابوا عنَّا بالمادَّةِ والجسدِ، إلَّا أنَّهم حاضرون معنا دوماً في القلبِ والصَّلاة.
نحنُ اليومَ مدعوُّون لنحملَ في صلاتِنا وقدَّاسِنا جميعَ الأشخاصِ الذينَ فارقوا الحياةَ، فلا يحقُّ لنا اليومَ كمسيحيِّين أن نبكيَ موتانا. قد نتفهَّمُ أنَّ فقدانَ شخصٍ حبيبٍ أو عزيزٍ على قلوبنا أمرٌ صعبٌ جدَّاً من النَّاحية البشريَّة المحض، ولكن إن كنَّا نعتبرُ أنفسَنا جماعةَ إيمانٍ وعزاءٍ، سنتمكَّنُ منذ هذهِ اللَّحظة أن نُحوِّلَ حُزنَنا إلى رجاءٍ وإيمانٍ.
واليومَ يطرحُ كلٌّ منَّا سؤالاً على ذاتِهِ: كيفَ أستطيعُ أن أكونَ إنساناً قادراً على تحويلِ عاطفتي البشريَّةِ من بكاءٍ وألمٍ وآهاتٍ عندَ فقدانِ شخصٍ عزيزٍ إلى موقفٍ ملؤُه التَّعزية والإيمان؟ وجواب هذا السُّؤالِ يتوقَّفُ على كلِّ إنسانٍ منَّا، وعلى قدرتِهِ على تحويلِ حُزنِه اليوميِّ إلى موقفٍ إيمانيٍّ، والأمرُ يتطلَّبُ الكثيرَ من الإصغاءِ والانفتاحِ أكثرَ على كلمةِ ربِّنا التي تُحوِّلُنا إلى جماعةِ خلاصٍ ورحمةٍ وحبٍّ، كما نتمكَّنُ أيضاً باسمِ المسيحِ، وبإيمانِنا الشَّخصيِّ بيسوعَ أن نُحوِّلَ حزننا وألمنا إلى تعزيةٍ وفرحٍ.
واليومَ تأتي جماعةُ “اذكرني في ملكوتِكَ” لتزرعَ روحانيَّتَها فعلاً في داخلِ النُّفوس، ونحن كلُّنا توقٌ لأن نتلقَّى هذه الروحانيَّة، إذ من مِنَّا لا يُصلِّي لأجلِ موتاه؟ من مِنَّا لا يذكرُ شخصاً انتقلَ إلى الحياةِ الثَّانيةِ وذكراهُ لا تزالُ باقيةً في أجملِ المواقفِ وأحلى اللَّحظاتِ؟ فهذهِ الجماعةُ تأتي إذاً لنُحيي معاً موتانا من جديد، ولنخلقَ تواصلاً روحيَّاً معهم من خلالِ القداديس والصَّلوات.
ومع أنَّ الشُّكرَ عادةً يُذكَرُ في الختام، إلا أنَّني أشكرُ الرَّبَّ لأنَّنا نستطيعُ أن نعتبرَ أنَّنا اليومَ مؤتمنونُ على عيشِ دعوةٍ خاصَّةٍ بأن يكونَ لنا جماعةً رسولية في الكنيسة، تبثُّ روحَ الرَّجاءِ والفرحِ بالإيمانِ باسمِ يسوعَ المسيح. فمن مِنَّا ليس مجروحاً في حياتِهِ؟ فكلٌّ مِنَّا يحيا بألمٍ، ولكن بتضامُنِنا مع بعضِنا البعضِ، نستطيعُ أن نُحوِّل جماعةَ الحزنِ إلى جماعةِ رجاءٍ ويقينٍ.
وفي هذهِ الأمسيةِ المباركةِ نحنُ نُحيي القدَّاسَ الافتتاحيَّ لنا مع جماعةِ “اذكرني في ملكوتِكَ” راجينَ أن نكونَ جميعنا على إيمانٍ واحدٍ، وعلى ثقةٍ واحدةٍ بأنَّ جميعَ الأشخاصِ الذين فارقوا هذهِ الحياةَ هم بحقٍّ موجودونَ في ملكوتِ ربِّنا السَّماويِّ. ونحنُ اليومَ جماعةُ الملكوتِ لأنَّنا نؤمنُ أنَّنا قادرون على عيشِ استباقٍ لملكوتِ ربِّنا من خلالِ القدَّاسِ الإلهيِّ والصَّلاةِ التي نثبتُ فيها ونُشرِكُ معنا بها كلَّ أحبَّاءنا الذين فارقوا الحياة.
بنفسِ الإيمانِ والصَّرخةِ التي تؤلمنا من الدَّاخلِ، يحملُ كلٌّ مِنَّا أيضاً اليومَ صرخةَ إيمانٍ وتعزيةٍ. كم جميلٌ أن نخلُقَ في وجداننا المسيحيِّ تعزيةً حقيقيَّةً بهذا القدَّاسِ الذي نُحييهِ ونَحياهُ، لأنَّنا عندما نقولُ: “المسيحُ قامَ.. حقَّاً قامَ” عند فراقِ كلِّ إنسانٍ للحياةِ، علينا ألَّا ننسى أنَّهُ قد عبرَ بجسرٍ من الموتِ إلى الحياةِ الأبديَّةِ. ونحنُ أيضاً يجبُ أن نُساهمَ في هذا العبورِ الإيمانيِّ للإنسانِ من حالةٍ إلى أخرى، من حياة الوجعِ والموتِ إلى حياةٍ ملؤها الفرحُ والرَّجاءُ المسيحيُّ، فنَعبُر بصلاتِنا مع هؤلاءِ الأشخاصِ من حالةٍ فيها الكآبةُ والوجعُ إلى حالةٍ يملؤها فرحٌ وسرورٌ أبديٌّ.
نأملُ يا أخوتي مع انطلاقتِنا مع هذهِ الجماعةِ الرسولية المسكونية أن ينطلقَ كلٌّ مِنَّا انطلاقةً جديدةً بتغييرِ مفاهيمِهِ الإيمانيَّةِ، فلا نبكي أو نصرخ كمن لا تعزيةَ ورجاءَ لهم. فلتتحوَّل صرختُنا من صرخةِ بكاءٍ ووجعٍ إلى صرخةِ إيمانٍ وعزاءٍ مسيحيٍّ، آمين.
دُوِّنَت العظة من قِبَلِنا بتصرُّفٍ.
[/column]
[blank h=”20″]
[/blank]