في هذا الإصحاح، يتابع الإنجيلي يوحنّا كتابة رسائله الّتي يُملِيها عليه الرُّوح إلى الكنائس السّبع في آسيا الصُّغرى، الّتي ترمز إلى الكنيسة جمعاء، فما قِيل في إحدى الكنائس يَصُّح قولُه في كلّ الكنائس. إنَّ حديث يوحنّا الرَّسول في هذه الرّسائل يركِّز على ثبات المؤمِنِين في إيمانهم، وعدم نُكرانهم لإيمانهم عند وقوعهم في شِدّة أو تعرُّضِهم لإغراءات هذا العالم. إنَّ عبارة “سَبْعَةُ أرواحِ الله” تُشير إلى الرُّوح القدس، فالرَّقم سبعة يُشير إلى الكامل والقدُّوس. 

وبالتّالي، هذا الكلام الّذي ينقُله إلينا يوحنّا الرَّسول هو كلام الرُّوح القدس، أي أنّه كلامٌ إلهيّ. إنَّ عبارة “لك اسْمًا أنَّك حيٌّ وأنتَ ميتٌ”، تهدِف إلى تشديد المؤمِنِين وتعزيّتهم، هُم المعرَّضون للاستشهاد في أيّ لحظةٍ، بسبب إيمانهم بالربِّ يسوع. إذًا، لا فرق بين الإنسان المعرَّض للموت والإنسان الـمَيْت، فكلاهما سيموتان، ولكنَّ الفرق يكمن في حدوث أمرٍ ما، حال دون استشهاد الإنسان المعرَّض للموت الّذي، عاجلاً أم آجلاً سيموت. وبالتّالي، هنا يُطرَح السُّؤال: هل سيحافظ الإنسان المؤمن على إيمانه طيلة حياته على الرُّغم من الضُّغوطات الّتي سيتعرَّض لها؟

 في الكنيسة، الشَّهادة للإيمان نوعان: الشَّهادة الحمراء، أي الاستشهاد الدَّمويّ، والشَّهادة البيضاء الّتي تقتضي الأمانة للربّ في حياتنا اليوميّة. إنّ الشَّهيد الأبيض هو إنسان أمينٌ لإيمانه حتَّى موته، والشَّهيد الأحمر، هو إنسانٌ أمينٌ لإيمانه فمات في سبيل المحافظة على هذا الإيمان. إنَّ منطق الإنجيل يقوم على محافظة المؤمنِ على أمانته لإيمانه بالربّ حتّى الموت: إمّا ميتة ربِّه، وإمّا شَهيدًا. إذًا، إنَّ المؤمِن أمام خيارَين لا ثالث لهما: إمّا الموت شُهيدًا في سبيل إيمانه، وإمَّا الشَهادة البيضاء أي إماتة الأهواء للمحافظة على الإيمان، وهنا يتجلّى “صَبرُ القدِّيسِين” بِحَسب تعبير الكِتاب. 

على المؤمن في صلواته أن يطلب إلى الله منحَه اليقظة الرُّوحيّة فيتمكَّن من التمييز بين ما هو منسجم مع كلمة الله وما هو غير منسجمٌ معها. إنَّ السَّهر الرُّوحيّ يتطلب من الإنسان انتباهًا لحضور الله، فكلُّ اهمالٍ من المؤمِن لأصغر الأمور يفتح الباب أمام العدُّو أي الشِّرير للدّخول إلى حياته. في الصّلاة الرَّبية، نردِّد العبارة التّالية: “لا تُدخِلنا في التَّجربة لكن نجِّنا من الشِّرير”، إنَّ التَّجربة هي الشُّعور بالنُّعاس الرُّوحيّ، أمّا الخطيئة فهي النَّوم الرُّوحيّ العميق. إنَّ الرُّوح يطلب مِن ملاك الكنيسة السَّهر الرُّوحيّ على نفسه، والعمل على تشديد إخوته في الاضطهادات للثَّبات في إيمانهم بالربّ. إذًا، على المؤمِن السّهر على يقظته الرّوحيّة وعلى مساعدة الآخَرين على يقظتهم الرُوحيّة.

إنَّ القدَّاس الإلهيّ يساعدنا على اليقظة الرُّوحيّة لإيماننا بالربّ، فالقدَّاس الإلهيّ يُحتَفل به جماعيًا لا فَرديّا، لذا في كلّ الصّلوات الّتي نتلوها في أثناء الذبيحة الإلهيّة يتمّ استخدام الضَّمير المتَّصل “نا”، الّذي يشير إلى الجماعة لا الفَرد. نحن في زمن اللَّهو، إذ إنّنا نتراخى في الشَّهادة لإيماننا متسلِّحين بِحُججٍ وهميّة معتقِدين أنّها حقيقيّة. في هذا الزَّمن الّذي نعيشه في وطننا، نُسَخِّر كلّ طاقاتنا للتَّفكير في أمورٍ أرضيّة زائلة، ممّا يدفعنا إلى الشُّعور بالكآبة والحزن، فتتراجع وتيرةُ صلواتِنا، متناسِين “الحَقَّ الحقيقيّ” ألا وهو الربّ.

إنَّ الهدف مِن تدوين سِفر الرُّؤيا هو مساعدتنا على الثَّبات في إيماننا في هذه الأزمنة الصَعبة الّتي نعيشها، فـ”آخر الأزمنة” بالنِّسبة إلى الإنسان المؤمِن هو في كلِّ آنٍ، إذ قد يكون هذا اليوم هو نهاية الأزمنة بالنِّسبة إلى المؤمِن بموته الجسديّ، وبالتّالي ما نَفع انتظار نهاية الأزمنة البشريّة حين تَحُلُّ نهاية زَمن الإنسان؟ إذًا، نحن مدعوِّون لعيش سِفر الرُّؤيا في كلِّ آن، إذ إنّنا معرَّضون للموت في كلِّ آنٍ، إمّا إلى مِيتة طبيعيّة، وإمّا إلى ميتةَ الشَّهادة بسبب عدم رُضوخنا للضُغوطات الّتي نواجهها لنُكران إيماننا بالربّ. على الكنيسة الإكثار من قراءات سِفر الرُّؤيا في صلواتها، لأنّها تَحثُّ المؤمِنين على الثبات في إيمانهم في وقت الضِّيق. 

على المؤمِنِين أن يَضعوا رجاءهم في المسيح لا في الأمور الأرضيّة إذ إنَّها تُدخِلهم في دوّامة من اليأس والإحباط. نحن مدعوُّون لِسَماع كلمة الله وحِفظها، وبالتّالي العمل على توبتنا إلى الله. إنَّ الإنجيل ليس كتابًا سماويّا بل هو كتابٌ أرضيّ، أي أنّه لم يُدوَّن كي يعيشه الّذين أصبحوا في السَّماوات مع الله، بل دُوِّن لكي يسعى الأرضيّون إلى تطبيقه في حياتهم اليوميّة فتكون السّماء مِن نَصيبهم عند انتقالهم من هذه الفانية. إنّ الكتاب المقدَّس هو أهمُّ كتابٍ على الأرض، إذ عندما يسيطر فِكر المسيح على ذِهن المؤمِن فإنَّ هذا الأخير سينجح في التَّعامل مع كلّ الصُعوبات الّتي تواجهه في حياته الأرضيّة. 

إنّ الربَّ يسوع قد أعطانا أمثلةً كثيرة عن مجيئه الثّاني، وقد وَصفه بأنَّه آتٍ كاللِّص أي في زمانٍ لا يستطيع الإنسان إدراكه. إنَّ الّذين “لم يُنجِّسوا ثيابهم”، هي عبارةٌ تُشير إلى المؤمِنِين الّذين لا يزالون مُحافِظين على معموديّتهم، أُمناء للربِّ يسوع في حياتهم اليوميّة. إنَّ الثِّياب البيض تُذكِّرنا بالقيامة لأنَّ الملاك عند قبر المسيح كان متَّشِحًا بالثِّياب البِيض، وهو قد أعلن القيامة، أي طريق الملكوت. 

إذًا، إنَّ كتاب سِفر الرُّؤيا ليس كتابًا يثير الخوف في نفوس المؤمِنِين، بل هو كتابُ تعزيةٍ لهم يساعدهم على احتمال الشَّدائد في هذه الأرض للوصول بهم إلى الملكوت السَّماويّ. إنَّ سرَّ المسيحيّة يكمن في سرّ جَذْب الصّليب للمؤمِنين، خصوصًا أنَّ الصّليب ليس مَصَدر جَذبٍ في الظّاهر، فإشعيا النبيّ يقول: “فإنّه نَبَتَ كَفَرعٍ أمامه وكأصلٍ مِن أرضٍ قاحلة، لا صورةَ له ولا بهاء فننظر إليه، ولا منظَرَ فَنَشتَهِيَه.”(إشعيا 53: 2). 

إنَّ الصَّليب هو باب القيامة، لا رمزًا للعذاب، فالصَّليب هو سرّ الحبّ، وكلُّ حُبٍّ له ثَمنٍ يدفعه الحبيب، وكلَّ محبوبيّة لها ثَمرٌ ينالها المحبوب. إنَّ الله قد أحبّ البشر فقدَّم ابنه ذبيحةً عنهم تعبيرًا عن حبِّه لهم، أمّا البشر فقد نالوا ثمرة تلك الذبيحة على الصّليب ألا وهي الخلاص. في الرِّسالة إلى ملاك الكنيسة في ساردِس، أراد الإنجيليّ يوحنَّا التركيز على أنَّ منَ يثبُت في الإيمان بالربِّ يسوع على الرُّغم من الصُّعوبات، سيقوم من بين الأموات وسينال الحياة الأبديّة لأنَّ معموديّته لن تنتهي، لأنَّ أمانته وإخلاصه للربّ، وصبره وجهوده على الشَّدائد، لن تذهب سُدًى. إنَّ منطق الله مخالفٌ لمنطق البشر فهو ينسى خطايا البشر ولكنّه لا ينسى حسناتهم؛ بعكس البشر الّذين يَنسون حسنات إخوتهم عند أوّل إساءة تَصدر عنهم. إنَّ الاسم يشير إلى حضور الشَّخص وتاريخه، وبالتّالي حين نردِّد عبارة “ليتقدَّس اسمك” في الصّلاة الرَّبية، فهذا يعني ليتقدَّس حضور الله، وجوده وثِقلِه في وَسَطِنا. 

إنّ الربَّ يُقدِّم تعزية للمؤمِنِين الثّابِتِين في إيمانهم به على الرُّغم من الصُّعوبات بعدم مَحو أسمِائهم من الوجود، في سِفر الحياة. في ختام هذه الرِّسالة، نقرأ العبارة التّالية: “هذا ما يقولُه الرُّوح للكنائس”، أي أنَّ ما قاله الرُّوح لكنيسة سارِدس، هو كلام صالـحٌ لكلّ الكنائس من دون استثناء. فكما تكلَّم الله مع الشَّعب اليهوديّ في العهد القديم، كذلك يكلِّم الله شعبه في العهد الجديد من خلال الرُّوح القدس، فيتمكَّن كلُّ مؤمنٍ بالمسيح مِن نَقل البشارة للآخَرين من خلال شهادته الصّالحة للربّ. إنَّ المؤمِن الّذي يقرأ كلمة الله بشكلٍ صحيح، يستطيع أن يُغيِّر العالم بقوّة الكلمة المزروعة فيه، أمّا الّذي يقرأ كلمة الله بشكلٍ مغايرٍ لمقاصِد الله، فهو يُصاب بالإحباط واليأس عند محاولته تغيير العالم.

إنّ عبارة “مفتاح داود” ترمز إلى الـمَلَكِيّة، وبالتّالي من خلال هذه العبارة، أراد الرُّوح القدس الإشارة إلى الـمَلِك الحقيقيّ الّذي يملِك مفتاح الملكوت السّماويّ، ألا وهو يسوع المسيح. إنَّ الربَّ يسوع الّذي يملِك مفاتيح الملكوت، قد أعطاها للرّسل، حين قال لبطرس رئيس الرُّسل: “وسأعطيك مفاتيح ملكوت السّماوات”(متى 16: 19)، وبالتّالي قد سلَّمهم مسؤوليّة سيُحاسبون عليها في اليوم الأخير لا امتيازًا لهم عن سائر البشر. إنَّ مَن تسلَّم مفاتيح ملكوت السّماوات من الربِّ، عليه أن يستخدم هذه المسؤوليّة لمساعدة إخوته على الوصول إلى الملكوت السّماويّ، وبالتّالي شَفيعًا لهم عند الربّ لدخولهم إلى الملكوت السَّماويّ. 

في الطّقس الشَّرقيّ، يُردِّد الكاهن عند انتهائه من العِظة في القدَّاس الإلهيّ، الصّلاة التّالية: “ليس أحدٌ من المرتَبِطِين بالشَّهوات واللّذات الجسديّة، مستحقًّا أن يقف أمامك”، وما هذه الصّلاة إلّا دلالة على مسؤوليّة الكاهن عن الشَّعب لذا يتابع القدَّاس الإلهيّ. إنَّ هذه المسؤوليّة لا تقتصر على الكاهن في الذبيحة الإلهيّة، بل هي مسؤوليّة المؤمِنِين أيضًا، إذ عليهم متابعة القدَّاس والتّعبير عن موافقتهم مع إخوتهم البشر على الصّلوات بالقول: “آمين”، قبل تلاوتهم صلاة الأبانا. 

إنَّ خروج المؤمِنِين مِن القدَّاس قبل هذه الصّلاة دليلٌ على قَطِعهم حَبل الأخوّة الّذي يجمعهم مع إخوتهم بيسوع المسيح وبالله الآب. إنّ مُفتاح داود قد سلَّمه الربُّ يسوع إلى كلِّ مؤمنٍ به، وبالتّالي تَقع على عاتق كلِّ مؤمنٍ مسؤوليّة مساعدة إخوته على الوصول بهم إلى الملكوت. إنَّ الربِّ يسوع قد فَتَح أمامَنا باب الملكوت ولا يستطيع أحدٌ إغلاقه، لذا لا داعي للخوف من عدم قُدرتِك على الدُّخول إلى الملكوت. إنَّ عبارة “حِفظ” كلمة الله، لا تعني تصويرها في ذاكِرِتنا وإسماعها للآخرين عند اللّزوم، كما يُسمِّع التِّلميذ أمثولته، بل تعني صون كلمة الله من كلِّ فسادٍ قد تتعرَّض له بسبب إهمالنا لها. 

على المؤمِن الاختيار ما بين إعلان إيمانه بالله عند تعرُّضه للاضطهاد وبالتّالي الاستشهاد؛ وبين نُكرانه لإيمانه بالله والاعتراف بإلهٍ آخر للمحافظة على حياته الأرضيّة. إنَّ عبارة “الذّين مِن مَجمع الشّيطان”، تُشير إلى كلِّ يهوديّ شِهد على المؤمِنِين أمام الـمُضطَهدِين، مّما أدّى إلى استشهاد المؤمِنين. في هذه الرِّسالة، يُخبر الربُّ المؤمِنِين به، أنّ كلّ مَن ساهَم في استشهادهم سيأتون سُجَّدًا لهم حين وصول الشُّهداء إلى الملكوت. إنَّ المؤمِن يفرح عند اكتشافه محبّة الله له، لذا يُعلِن عن توبته عن طريقه الضّال والعودة إلى الله. إنّ التوبة تبدأ بِوَعي المؤمِن لمحبّة الله أوّلاً، ثمّ لِخَطيئته. 

إنَّ المؤمِن قد يندم على خطيئته ولكنّه لا يتوب عنها إلّا عند اكتشافه محبّة الله. إنَّ التوبة تبدأ بِأمرَين: أوّلاً، شعور المؤمن بالإفلاس من وَضعِه كخاطئ، وثانيًا شعوره بمحبّة الله له. إنّ دَور الكاهن في سرّ التّوبة يكمن في مساعدة المؤمِن على اكتشاف محبّة الله لا التَّركيز على خطايا المؤمِن. فسرّ التوبة ليست مسألة “حقوقيّة” فيها بنودًا جزائية عند المخالفة، ولا هي “عمليّة تسديد فواتير” خطايا المؤمن. إنَّ الله قد سدَّد كلّ فواتير خطايانا على الصّليب حتّى قبل ارتكابنا لها، وبالتّالي لا داعي للخوف من التقرُّب من سرّ التَّوبة. في سرّ التوبة، يفرح الكاهن الّذي يمثِّل الكنيسة جمعاء، بعودة المؤمِن إلى الله تائبًا عن خطاياه. إنَّ كلّ إنسانٍ يلتَزم الحقّ، يُعانِقُ الصَّليب، وبالتّالي هناك ضرورةٌ لتحلِّي المؤمِن بالصَّبر، ولذلك قال الربُّ: “لأنَّك حَفِظتَ كَلِمةَ صَبري”. 

إنَّ كلمة الله مرتبطةٌ بالصَّبر إذ إنَّ كلَّ من يلتزِم بها سيُعاني من الضِّيق، وبالتّالي عليه بالصّبر وبالعمل بجهدٍ للمحافظة على إيمانه بالله. إنّ “ساعة التَّجربة”، هي ساعة وقوع المؤمِن تحت نير الاضطهاد، إذ عليه الاختيار ما بين الثبات في إيمانه والاستشهاد، وبين نُكرانِه لإيمانه بالربّ والقبول بالـمُغريات الّتي تُعرَض عليه. إنَّ تعرُّض المؤمِنِين “للتَّجربة العَتيدة”، الّتي تكلَّم عنها الربُّ من خلال يوحنّا الرَّسول، هو الّذي يقسم بين النّاس إلى قِسمين: مؤمنون ثابتون في الربّ، وآخَرون رافِضون للربّ. إنَّ ما يؤخِّر توبة المؤمِن وقداسته هو الاشتراك في الفخّ الشَّيطاني، القاضي بتقسيم النّاس ودينونتهم.

إنَّ الشَّرط الأساسيّ لقداسة المؤمن هو تَحَرُّرِه من ظنِّه السَّيئ بالآخَرين. إنّ عبارة “تَمَسَّكْ بما عندك لئلّا يأخُذَ أَحدٌ إكليلَك”، تعني أنّ المؤمِن يملِكُ إكليلاً، أعطاه إيّاه الله. كانت الأكاليل في القديم تُوضَع على رؤوس الملوك، أمثال داود. إذًا، إنَّ المؤمِنِين هُم مُلوكٌ، وهنا نتذكَّر كلمة بطرس الرَّسول، نحن كهنوتٌ ملوكيّ، أمَّةٌ مقدَّسة. إنّ الربّ قد جَعلَنا مُلوكًا إذ وَضَع على رؤوسنا الأكاليل، وبالتّالي على المؤمِنِين الاجتهاد للمحافظة على هذه الأكاليل على رؤوسهم. 

لذلك، في الصّوم، نحن لا نصوم للحصول على عطايا الربِّ الإلهيّة، بل نصوم لأنّ الربَّ قد سبَقَ وأعطانا كلّ عطاياه، وبالتّالي نصوم للمحافظة على ما حَصَلنا عليه من الربِّ. كذلك الأمر بالنِّسبة إلى الصّلاة، فنحن نُصلِّي للمحافظة على ما حَصَلنا عليه، لا للحصول على العطايا الإلهيّة. إنَّ الربَّ يسوع قد خلَّصنا من كلّ القوانين، وأعطانا كلّ شيء ودعانا للمحافظة على ما حَصَلنا عليه، من خلال التِزامِنا بقانون الحبّ. غير أنَّ الإنسان في الكثير من الأحيان يَحِنُّ إلى قوانين الشَّريعة، لأنّ قانون الحبّ حرَّرنا وجعلنا مسؤولِين عن أعمالِنا.

نحن في زمن سِفر الرؤية، فأَصغوا إلى تعزيات الرُّوح، تتخلَّصون من كلِّ خوفٍ ينتابكم بسبب ما يحصل في العالم. ستُعانون من المزيد من الضِّيق بسبب التزامكم بكلمة الله، ولكنَّ الربَّ يدعوكم إلى الثِّقة به إذ قال لنا: “ثقوا، قد غَلَبْتُ العالم”. آمين.

ملاحظة: دُوِّن الشرح بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.